فقال: أين بنو أختنا؟ فخرج إليه العباس وجعفر وعثمان بنو عليّ، فقالوا له: ما لَك وما تريد؟ قال: أنتم يا بني أختي آمنون؛ قال له الفتية: لعنك الله ولعن أمانك! لئن كنت خالنا أتؤمِّننا وابن رسول الله لا أمانَ له! قال: ثمّ إنّ عمر بن سعد نادى: يا خيلَ الله اركبي وأبشري، فركِب في الناس، ثم زحف نحوَهم بعد صلاة العصر، وحسين جالس أمامَ بيته محتبيًا بسيفه، إذ خفق برأسه على ركبَتَيْه، وسمعتْ أخته زينت الصيحة فدنتْ من أخيها، فقالت: يا أخي، أما تسمع الأصوات قد اقتربت! قال: فرفع الحسينُ رأسه فقال: إنّي رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال لي: إنك تروح إلينا؛ قال: فلطمتْ أختُه وجهَها وقالت: يا ويلنا! فقال: ليس لكِ الويل يا أخيّة، اسكّني رحمكِ الرّحمن! وقال العباس بن عليّ: يا أخي أتاك القومُ؛ قال: فنهض ثم قال: يا عباس اركَب بنَفْسي أنت يا أخي حتى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم؟ وما بدَا لكم؟ وتسألهم عما جاء بهم؟ فأتاهم العباس؛ فأستقبلهم في نحو من عشرين فارسًا فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العباس: ما بدا لكم؟ وما تريدون؟ قالوا: جاء أمر الأمير بأن نَعرِض عليكم أن تنزلوا على حُكمه أو ننازِلكم؛ قال: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرِض عليه ما ذكرتم؛ قال: فوقفوا ثم قالوا: القَه فأعلِمه ذلك، ثمّ القنَا بما يقول؛ قال: فانصرف العبّاس راجعًا يركض إلى الحسينَ يُخبره بالخبر، ووقف أصحابُه يخاطبون القومَ، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين: كلِّم القومَ إن شئتَ، وإن شئتَ كلمتُهم، فقال له زهير: أنت بدأت بهذا، فكن أنت تكلّمهم، فقال له حبيب بن مظاهر: أما والله لبئسَ القومُ عند الله غدًا قومٌ يقدَمون عليه قد قتلوا ذرّية نبيّه عليه السلام وعترتَه وأهلَ بيته - صلى الله عليه وسلم - وعبّاد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار، والذاكرِين اللهَ كثيرًا؛ فقال له عَزْرة بن قيس: إنك لتُزكّي نفسك ما استطعتَ، فقال له زهير: يا عَزْرة، إنّ الله قد زكّاها وهداها، فاتَق الله يا عزرة، فإني لك من الناصحين، أنشُدُك اللهَ يا عَزْرة أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكيّة! قال: يا زهير، ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت، إنما كنتَ عثمانيًّا، قال: أفَلستَ تستدلّ بموقفي هذا أنّي منهم! أما والله ما كتبتُ إليه كتابًا قطّ، ولا أرسلتُ إليه رسولًا قطّ، ولا وعدتُه نُصرتي قطّ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه، فلما رأيته ذكرتُ به رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ومكانَه
منه، وعرفت ما يقدم عليه من عدوّه وحزبكم، فرأيت أن أنصرَه، وأن أكون في