إلى عمر بن سعد: أما بعد: فإني لم أبعثك إلى حسين لتكفّ عنه ولا لتطاوِلَه، ولا لتمنِّيَه السلامة والبقاء، ولا لتقعدَ له عندي شافعًا ... انظر، فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا، فابعث بهم إليّ سلمًا، وإن أبوْا فازحف إليهم حتى تقتُلَهم وتمثِّل بهم، فإنهم لذلك مستحقون، فإن قتِل حسين فأوْطئ الخيلَ صدرَه وظهرَه، فإنه عاقّ مشاقّ، قاطع ظلوم، وليس دهري في هذا أن يُصَرّ بعد الموت شيئًا، ولكن عليَّ قول لو قد قلتُه فعلت هذا به، إن أنتَ مضيتَ لأمرِنا فيه جَزَيناك جزاء السامع المطيع، وإن أبيتَ فاعتزِلْ عمَلَنا وجندَنا، وخلّ بين شمِر بن ذي الجوْشن وبين العسكر، فإنا قد أمرناه بأمرنا، والسلام (١). (٥: ٤١٥).
قال أبو مخنف: عن الحارث بن حَصيرة، عن عبد الله بن شريك العامريّ قال: لمّا قبض شمر بن ذي الجوشَن الكتاب قام هو وعبد الله بن أبي المحلّ وكانت عمته أمّ البنين ابنة حزام عنِد عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فولدتْ له العبّاسَ وعبَد الله وجعفرًا وعثمانَ -فقال عبد الله بن أبي المحلّ بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب: أصلح الله الأمير! إن بني أختنا مع الحسين، فإن رأيتَ أن تكتب لهم أمانًا فعلت؛ قال: نعم ونعمةَ عَيْن. فأمر كاتبه، فكتب لهم أمانًا، فبعث به عبد الله بن أبي المحلّ مع مولىً له يقال له: كُزمان، فلما قدم عليهم دعاهم، فقال: هذا أمانٌ بعثَ به خالكم، فقال له الفتية: اقرئ خالَنا السلام، وقل له: أن لا حاجةَ لنا في أمانكم، أمانُ الله خير من أمان ابن سمية. قال: فأقبل شمِر بن ذي الجَوْشن بكتاب عبَيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد، فلما قدم به عليه فقرأه عليه قال له عمر: ما لَك ويْلَك! لا قرّب الله دارَك، وقبّح الله ما قدمت به عليّ! والله إني لأظنُّك أنت ثَنَيتَه أن يَقبَل ما كتبتُ به إليه، أفسدت علينا أمرًا كنا رجونا أن يصلح، لا يستسلم والله حسين، إنّ نفسًا أبيَّةً لبَيْن جنبَيْه، فقال له شَمِر: أخبِرْني ما أنت صانع؟ أتمضي لأمر أميرك وتقتل عدوّه، وإلا فخلّ بيني وبين الجند والعسكر؛ قال: لا ولا كرامةَ لك، وأنا أتولّى ذلك؛ قال: فدونك، وكن أنت على الرّجال؛ قال: فنهض إليه عشيّة الخميس لتسعٍ مضَين من المحرّم؛ قال: وجاء شمِر حتى وقف على أصحاب الحسين،