للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عروة: أنّ نافع بنَ هلال كان يقاتل يومئذ وهو يقول: "أنا الجَمَلِي، أنا عَلى دينِ عَلي".

قال: فخرج إليه رجل يقال له: مُزاحم بن حُرَيث، فقال: أنا على دين عثمان، فقال له: أنت على دين شيطان، ثمّ حمل عليه فقتله، فصاح عمرو بن الحجّاج بالناس: يا حَمقى، أتدرون من تقاتلون! فرسانَ المِصْر؛ قومًا مستميتين، لا يبرزنَّ لهم منكم أحد، فإنهم قليل، وقلّما يبقون، والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم؛ فقال عمر بن سعد: صدقت، الرأيُ ما رأيتَ، وأرسل إلى الناس يعزم عليهم ألّا يبارز رجلٌ منكم رجلًا منهم (١). (٥: ٤٣٥).

قال أبو مخنف: حدّثني الحسين بن عقبة المراديّ: قال الزّبيدي: إنه سمع عمرو بن الحجّاج حين دنا من أصحاب الحسين يقول: يا أهلَ الكوفة! الزَموا طاعتكم وجماعتَكم، ولا ترتابوا في قتل من مَرَق من الدّين، وخالَفَ الإمام، فقال له الحسين: يا عمرو بن الحجّاج! أعليَّ تحرّض الناس؟ أنحن مَرَقنا وأنتم ثبتُّم عليه؟ أما والله لتعلمنّ لو قد قبضتْ أرواحكم، ومِتُّم على أعمالكم، أيّنا مَرَق من الدّين، ومن هو أولى بصليّ النار! قال: ثمّ إنّ عمرو بن الحجاج حمل على الحسين في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفُرات، فاضطربوا ساعةً؛ فصرع مسلم بن عَوْسجة الأسديّ أوّل أصحاب الحسين، ثم انصرف عمرو بن الحجاج وأصحابه، وارتفعت الغَبرَة، فإذا هم به صريع، فمشى إليه الحسين فإذا به رَمَقٌ، فقال: رحمك ربُّك يا مسلم بن عوسجة، {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.

ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال: عزَّ عليَّ مصرعُك يا مسلم، أبشر بالجنة! فقال له مسملم قولًا ضعيفًا: بشَّرك الله بخير! فقال له حبيب: لولا أني أعلم أنّى في أثرك لا حقٌ بك من ساعتي هذه لأحببتُ أن توصيني بكلّ ما أهمَّك حتى أحفظَك في كلّ ذلك بما أنت أهلٌ له في القرابة والدّين؛ قال: بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله -وأهوَى بيَدِه إلى الحسين- أن تموت دونه، قال: أفعل وربِّ الكعبة؛ قال:


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>