للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمك الله يا أبا جعفر! وما ذلك؟ قال: أتِيَ الحسين بصبيّ له، فهو في حِجْره، إذ رماه أحدُكم يا بني أسد بسهم فذَبَحه، فتلقى الحسينُ دمه، فلما ملأ كفَّيه صبّه في الأرض ثم قال: ربِّ إنْ تك حبستَ عنا النصر من السماء، فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقمْ لنا من هؤلاء الظالمين؛ قال: ورمى عبدُ الله بن عقبة الغنويّ أبا بكر بن الحسين بن عليّ بسهم فقتله، فلذلك يقول الشاعر؛ وهو ابن أبي عَقِب:

وعِندَ غَنِيٍّ قَطرةٌ من دِمائِنا ... وفي أَسدٍ أخرى تُعَدُّ وتُذْكرُ

قال: وزعموا: أنّ العبَّاس بن عليّ قال لإخوته من أمِّه: عبد الله، وجعفر وعثمان: يا بنِي أمِّي، تقدّموا حتى أرِثكم، فإنه لا ولدَ لكم، ففعلوا، فقتِلوا. وشدّ هانئ بن ثُبَيت الحضرميّ على عبد الله بن عليّ بن أبي طالب فقتله، ثمّ شدّ على جعفر بن عليّ فقتله وجاء برأسه، ورمى خَوَليُّ بن يزيد الأصبحيّ عثمانَ بن على بن أبي طالب بسهم، ثم شدً عليه رجل من بني أبان بن دارم فقَتَله، وجاءَ برأسه، ورمى رجلٌ من بني أبان بن دارم محمد بن عليّ بن أبي طالب فقتله وجاء برأسه (١). (٤٤٨: ٥ - ٤٤٩).

قال هشام: حدّثني أبو الهُذَيل -رجلٌ من السَّكون- عن هانئ بن ثبيت الحضرميّ، قال: رأيتُه جالسًا في مجلس الحضرميّين في زمان خالد بن عبد الله وهو شيخ كبير؛ قال: فسمعتُه وهو يقول: كنت ممن شهد قتلَ الحسين، قال: فوالله إني لواقف عاشرَ عشرة ليس منّا رجل إلا على فرس، وقد جالت الخيلُ وتصعصعتْ؛ إذ خرج غلامٌ من آل الحسين وهو مُمسِك بعُود من تلك الأبنية، عليه إزار وقميص، وهو مذعور، يتلفت يمينًا وشمالًا، فكأني أنظر إلى دُرتَّين في أذنيه تذبذبان كلما التَفَتَ، إذْ أقبل رجل يركض، حتى إذا دنا منه مالَ عن فرسه، ثم اقتصد الغلام فقطعه بالسيف.

قال هشام: قال السَّكونيّ: هانى بن ثُبَيت هو صاحب الغلام، فلما عُتب عليه كَنى عن نفسه. (٤٤٩: ٥).

قال هشام: حدّثني عمرو بن شمر عن جابر الجُعْفيّ، قال: عطش الحسين


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>