للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعلم أن ذلك لا يكون، فقالت: كذبتَ والله ولؤُمتَ! ما ذلك لك وله، فغضب يزيد، فقال: كذبت واللهِ، إن ذلك لي، ولو شئت أن أفعلَه لفعلت؛ قالت: كلَّا والله، ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملَّتنا، وتدينَ بغير ديننا؛ قالت: فغضب يزيد واستطار، ثم قال: إيَّاي تستقبلين بهذا! إنما خرج من الدّين أبوكِ وأخوكِ؛ فقالت زينب: بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدّي اهتديتَ أنتَ وأبوك وجدك، قال: كذبتِ يا عدّوة الله! قالت: أنت أميرٌ مسلَّط، تشتم ظالمًا، وتقهر بسلطانك! قالت: فوالله لكأنه استحيا؛ فسكتَ ثم عاد الشاميّ فقال: يا أمير المؤمنين! هبْ لي هذه الجارية؛ قال: اعزُبْ، وهَب الله لك حَتفًا قاضيًا! قالت: ثمّ قال يزيدُ بنُ معاوية: يا نعمان بن بشير! جهِّزهم بما يُصلِحهم، وابعث معهم رجلًا من أهل الشأم أمينًا صالحًا، وابعث معه خيلًا وأعوانًا فيسير بهم إلى المدينة، ثمّ أمر بالنسوة أن يُنْزلن في دارٍ على حِدَة، معهنّ ما يصلحهنّ، وأخوهنّ معهنّ عليّ بن الحسين، في الدار التي هنّ فيها قال: فخرجن حتى دخلن دار يزيد فلم لتبق من آل معاوية امرأة إلا استقبلتْهنَ تبكي وتنوح على الحسين، فأقاموا عليه المناحةَ ثلاثًا، وكان يزيد لا يتغدّى ولا يتعشى إلا دعا عليّ بن الحسين إليه؛ قال: فدعاه ذاتَ يوم، ودعا عمر بن الحسن بن علي وهو غلام صغير، فقال لعمر بن الحسن: أتقاتل هذا الفتى؟ يعني خالدًا ابنه، قال: لا، ولكنْ أعطني سكينًا وأعطِه سكينًا، ثم أقاتله، فقال له يزيد: وأخذه فضمه إليه ثمّ قال: "شنْشِنةٌ أعْرفُها من أخْزَم"؛ هل تلِد الحيّه إلّا حيّة! قال! ولما أرادوا أن يخرجوا؛ دعا يزيدُ عليّ بنَ الحسين ثمّ قال: لعن الله ابنَ مرجانة، أما والله لو أني صاحبُه ما سألني خصلة أبدأ إلا أعطيتها إياه، ولدفعتُ الحتْف عنه بكلّ ما استطعتُ ولو بهلاك بعض ولَدي، ولكنّ الله قضى ما رأيت، كاتبْني وأنه كلَّ حاجة تكون لك، قال: وكساهم وأوصَى بهم ذلك الرسول، قال: فخرج بهم وكان يسايرهم بالليل فيكونون أمامه حيث لا يفوتون طرفه، فإذا نزلوا تنحّى عنهم وتفرّق هو وأصحابه حولَهم كهيئة الحرَس لهم، وينزل منهم بحيث إذا أراد إنسان منهم وضوءًا أو قضاءَ حاجة لم يحتشم، فلم يزل يُنازلهم في الطريق هكذا، ويسألهم عن حوائجهم، ويُلطِفهم حتى دخلوا المدينة.

وقال الحارث بن كعب: فقالت لي فاطمة بنت علي: قلت لأختي زينب:

<<  <  ج: ص:  >  >>