للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان أهل المدينة اتّخذوا خندقًا في جانب المدينة، ونزله جمع منهم عظيمٌ، وكان عليهم عبد الرحمن بن زهير بن عبد عوف ابن عمّ عبد الرحمن بن عوف الزهريّ، وكان عبد الله بن مطيع على ربع آخر في جانب المدينة، وكان مَعْقِل بن سنان الأشْجَعيّ على ربع آخر في جانب المدينة، وكان أمير جماعتهم عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاريّ، في أعظم تلك الأرباع وأكثرها عددًا (١). (٥: ٤٨٥ - ٤٨٧).

قال هشام: وأما عوانة بن الحكم الكلبي، فذكر: أنّ عبد الله بن مطيع كان على قريش من أهل المدينة، وعبد الله بن حنظلة الغسيل على الأنصار، ومعقِل بن سنان على المهاجرين. (٥: ٤٨٧).

قال هشام: عن أبي مخنف: قال عبد الملك بن نوفل: وصمد مسلم بن عُقْبة بجميع من معه، فأقبل من قِبل الحَرّة حتى ضرب فسطاطه على طريق الكوفة، ثم وجّه الخيل نحو ابن الغسيل، فحمل ابن الغسيل على الخيل في الرجال الذين معه حتى كشف الخيل، حتى انتهوا إلى مسلم بن عقبة، فنهض في وجوههم بالرّجال، وصاح بهم، فانصرفوا فقاتلوا قتالًا شديدًا.

ثمّ إنّ الفضلَ بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب جاء إلى عبد الله بن حنظلة الغسيل فقاتل في نحو من عشرين فارسًا قتالًا شديدًا حَسْنًا. ثم قال لعبد الله: مُر من معك فارسًا فليأتني فليقفْ معي، فإذا حملتُ فليحْملوا، فوالله لا أنتهي حتى أبلغ مسلمًا، فإمّا أن أقتلَه، وإما أن أقتَل دونه، فقال عبد الله بن حنظلة لعبد الله بن الضحاك من بني عبد الأشهل من الأنصار: نادِ في الخيل فلْتَقف مع الفضل بن العباس، فنادى فيهم فجمعهم إلى الفضل، فلما اجتمعت الخيل إليه حمل على أهل الشأم فانكشفوا، فقال لأصحابه: ألا ترونهم كُشْفًا لئامًا! احملوا أخرى جُعِلتُ فداكم! فوالله لئن عاينتُ أميرهم، لأقتلنه أو لأقتَلنَّ دونه، إنّ صبر ساعة مُعقِبٌ سرور أبد، إنه ليس بعدُ لصبرنا إلا النصرُ، ثم حمل وحمل أصحابه معه، فانفرجت خيلُ أهل الشأم عن مسلم بن عقبة في نحو من خمسمئة راجل جُثاة على الرُّكَب، مشرعي الأسنة نحو القوم، ومضى


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>