عبيد الله بن زياد، واجتمعت عنده بنو أميّة، وكان قد بلغ عبيد الله ما يريد مروان، فقال له: استحييتُ لك مما تريد! أنت كبيرُ قريش وسيِّدها، تصنع ما تصنعه! فقال: ما فات شيءٌ بعدُ؛ فقام معه بنو أميَّة ومواليهم، وتجمع إليه أهلُ اليمن، فسار وهو يقول: ما فات شيءٌ بعدُ؛ فقدم دمشقَ ومن معه، والضّحاك بن قيس الفهريّ قد بايعه أهلُ دمشق على أن يصلِّيَ بهم؛ ويقيمَ لهم أمرهم حتى يجتمع أمرُ أمَّة محمَّد. (٥: ٥٣٠).
وأما عوانة فإنَّه قال - فيما ذكر هشام عنه - إنَّ يزيد بن معاوية لما مات وابنه معاوية من بعده، وكان معاوية بن يزيدَ بن معاوية - فيما بلغني - أمَرَ بعد ولايته فنوديَ بالشام: الصلاة جامعة! فحَمد الله وأثنَى عليه ثمَّ قال: أما بعد، فإني قد نظرت في أمركم فضعفتُ عنه، فابتغيت لكم رجلًا مثلَ عمرَ بن الخطَّاب رحمة الله عليه حين فزع إليه أبو بكر فلم أجدْه، فابتغيت لكم ستَةً في الشورى مثل ستّة عمر، فلم أجدها، فأنتم أولَى بأمركم، فاختاروا له من أحببتم، ثمَّ دخل منزلَه ولم يخرج إلى الناس، وتغيَّب حتى مات، فقال بعض الناس: دُسّ إليه فسُقي سمًا، وقال بعضهم: طُعن. (٥: ٥٣٠ - ٥٣١).
رجع الحديث إلى حديث عوانة، ثمّ قدم عبيد الله بن زياد دمشق وعليها الضحاك بن قيس الفهريّ، فثار زُفَر بن الحارث الكلابيّ بقِنَّسرِين يبايع لعبد الله بن الزبير، وبايع النعمان بن بشير الأنصاريّ بحمص لابن الزبير، وكان حسان بن مالك بن بحْدَل الكلبيّ بفلَسْطين عاملًا لمعاوية بن أبي سُفْيان، ثمَّ ليزيد بن معاوية بعده، وكان يهوَى هَوَى بني أميَّة، وكان سيِّدَ أهل فلَسطين، فدعا حسَّان بن مالك بن بحدل الكلبيّ رَوْحَ بن زنْباع الجُذاميّ، فقال: إني مستخلفُك على فلسطين، وأدخل هذا الحيَّ من لَخْم وجُذام، ولست بدون رجل إذ كنت عينهم قاتلت بمن معك من قومك. وخرج حسَّان بن مالك إلى الأردُنّ واستخلف رَوْح بن زَنْباع على فلسطين، فثار ناتل بن قيس بروح بن زنباع فأخرجه، فاستولى على فلَسطين، وبايع لابن الزبير، وقد كان عبد الله بن الزبير كتب إلى عامله بالمدينة أن ينفيَ بني أميَّةَ من المدينة، فنُفوا بعيالاتهم ونسائهم إلى الشام، فقدِمتْ بنو أميّة دمشق وفيها مروان بن الحكم، فكان الناس فريقين: حسّان بن مالك بالأردن يَهوَى هَوى بني أمية، ويدعو إليهم؛ والضحَّاك بن قيس