للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: مهلًا يا أبا سليمان! فقال له مالك: والله لئن استخلفت مروان وآل مروان ليحسدُنَّك على سوطك وشراك نعلك وظلّ شجرة تستظلّ بها؛ إنَّ مروان أبو عشيرة، وأخو عشيرة، وعمّ عشيرة، فإن بايعتموه كنتم عبيدًا لهم، ولكن عليكم بابن أختكم خالد، فقال حصين: إنّي رأيت في المنام قِنْديلًا معلَّقًا من السماء، وإنّ من يمدّ عنقه إلى الخلافة تناوَلَه فلم ينله، وتناوله مروان فناله، والله لنستخلفنَّه؛ فقال له مالك: ويحك يا حصين! أتبايع لمروان وآل مروان وأنت تعلم أنهم أهل بيت من قيس! فلما اجتمع رأيُهم للبيعة لمروان بن الحكم قام روح بن زنباع الجذاميّ، فحمد الله، وأثنى عليه ثمَّ قال: أيُّها الناس، إنكم تذكرون عبد الله بن عمر بن الخطّاب وصُحبَتَه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقدمَه في الإِسلام، وهو كما تذكرون؛ ولكن ابن عمر رجلٌ ضعيفٌ، وليس بصاحب أمة محمَّد الضعيفُ، وأما ما يذكر الناس من عبد الله بن الزبير ويدعون إليه من أمره فهو والله كما يذكرون بأنّه لابنُ الزبير حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن أسماء ابنة أبي بكر الصدّيق ذات النِّطاقين، وهو بعدُ كما تذكرون في قدمه وفضْله، ولكنّ ابن الزبير منافق، قد خلع خليفتين: يزيد وابنه معاوية ابن يزيد، وسَفَك الدماء، وشقّ عصا المسلمين، وليس صاحبَ أمر أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - المنافقُ؛ وأمَّا مروان بن الحكم؛ فوالله ما كان في الإِسلام صَدَعٌ قطُّ إلا كان مروان ممَّن يشعب ذلك الصّدع، وهو الذي قاتل عن أمير المؤمنين عثمان بن عفّان يوم الدار، والذي قاتل عليّ بن أبي طالب يومَ الجمل، وإنا نرى للناس أن يبايعوا الكبير ويستشبُّوا الصغير - يعني بالكبير: مروان ابن الحكم، وبالصغير: خالد بن يزيد بن معاوية، قال: فأجمع رأي الناس على البيعة لمروان، ثمّ لخالد بن يزيد من بعده، ثمَّ لعمرو بن سعيد بن العاص من بعد خالد، على أنّ إمارة دمشق لعمرو بن سعيد بن العاص، وإمارة حمص لخالد بن يزيد بن معاوية، قال: فدعا حسان بن مالك بن بحدل خالد بن يزيد فقال: يَابْنَ أختي! إنّ الناس قد أبَوْك لحداثة سنِّك، وإني والله ما أريد هذا الأمر إلا لك ولأهل بيتك، وما أبايع مروان إلا نظرًا لكم؛ فقال له خالد بن يزيد: بل عُجِّزت عنا، قال: لا والله ما عُجِّزت عنك، ولكنّ الرأي لك ما رأيتُ ثمّ دعا حسان بمروان فقال: يا مروان! إن الناس والله ما كلُّهم يرضى بك، فقال له مروان: إن يُرِد الله أن يعطنيها لا يمنعني إياها أحدٌ من خلقه، وإن يُردْ أن يمنَعنيها لا يُعطنيها أحدٌ من خلقه. قال: فقال له

<<  <  ج: ص:  >  >>