للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسان: صدقت، وصَعِد حسان المنبر يومَ الاثنين، فقال: يا أيها الناس! إنا نستخلف يوم الخميس إن شاء الله. فلما كان يوم الخميس بايع لمروانَ، وبايع الناسُ له، وسار مروان إلى الجابية في الناس حتى نزل مَرْجَ راهط على الضحاك في أهل الأردنّ من كلب، وأتته السَّكاسك والسَّكون وغسان، وربع حسان بن مالك بن بحدل إلى الأردنّ.

قال: وعلى ميمنته - أعني: مروان - عمرو بن سعيد بن العاص، وعلى ميسرته عبيد الله بن زياد، وعلى ميمنة الضحاك زياد بن عمرو بن معاوية العُقيْليّ وعلى ميسرته رجل آخر لم أحفظ اسمه، وكان يزيد بن أبي النِّمس الغسانيّ لم يشهد الجابية، وكان مختبئًا بدمشق، فلما نزل مروانُ مرجَ راهط ثار يزيد ابن أبي نمس بأهل دمشق في عبيدها، فغلب عليها، وأخرج عامل الضحاك منها، وغلب على الخزائن وبيت المال، وبايع لمروان وأمدَّه بالأموال والرجال والسلاح، فكان أوّلَ فتح فتحَ على بني أميّة. قال: وقاتل مروان الضحاك عشرين ليلةً كان، ثمَّ هُزِم أهل المرج، وقُتِلوا وقُتل الضحاك، وقُتل يومئذ من أشراف الناس من أهل الشام ممن كان مع الضحاك ثمانون رجلًا كلهم كان يأخذ القطيفة، والذي كان يأخذ القطيفة يأخذ ألفين في العطاء، وقتل أهل الشام يومئذ مقتلةً عظيمةً لم يقتلوا مثلها قطّ من القبائل كلها، وقتل مع الضحاك يومئذ رجل من كلب من بني عُليم يقال له: مالك بن يزيد بن مالك بن كعب، وقُتل يومئذ صاحب لواء قُضاعة حيث دخلت قضاعة الشام، وهو جدّ مُدلَّج ابن المقدام بن زَمْل بن عمرو بن ربيعة بن عمرو الجُرَشيّ، وقُتِل ثور بن معن بن يزيد السُّلميّ، وهو الذي كان ردّ الضحاك عن رأيه. قال: وجاء برأس الضحاك رجلٌ من كلب؛ وذكروا: أنّ مروان حين أتِيَ برأسه ساءه ذلك، وقال: الآن حين كبِرتْ سنّي ودقّ عظمي وصرتُ في مثل ظِمءِ الحمار، أقبلت بالكتائب أضرب بعضها ببعض! قال: وذكروا: أنَّه مرّ يومئذ برجل قتيل فقال:

ومَا ضرَّهُمْ غير حَيْنِ النُّفُو ... سِ أيُّ أمِيري قريش غَلَبْ

وقال مروان حين بُويع له ودعا إلى نفسه:

لما رأيتُ الأَمرَ أمرًا نَهْبا ... سيّرت غسّان لهمْ وكلَبا

والسَّكسكيِّين رجالًا غُلبا ... وطَيِّئًا تأْباه إلَّا ضَرْبا

<<  <  ج: ص:  >  >>