والقَيْن تمشي في الحديد نُكبا ... ومن تنوخَ مشمَخِرًّا صعبا
لا يأْخذونَ المُلْك إلَّا غَصْبَا ... وإنْ دَنَتْ قيسٌ فقل لا قربَا
(٥: ٥٣٥ - ٥٣٨).
قال هشام بن محمَّد: حدّثني أبو مخنف لوط بن يحيى؛ قال: حدّثني رجل من بني عبد ود من أهل الشام، قال: حدّثني من شهد مقتل الضحاك بن قيس، قال: مرّ بنا رجلٌ من كلب يقال له: زُحنة بن عبد الله، كأنما يرمي بالرجال الجَدَّاء، ما يطعن رجلًا إلا صَرَعهُ، ولا يضرب رجلًا إلا قتله، فجعلت أنظر إليه أتعجب من فعله ومن قتله الرجال؛ إذ حمل عليه رجل فصرعه زُحنة وتركه، فأتيته فنظرت إلى المقتول فإذا هو الضحاك بن قيس، فأخذت رأسه فأتيتُ به إلى مروان، فقال: أنت قتلته؟ فقلت: لا، ولكن قتله زُحنة بن عبد الله الكلبي، فأعجبه صدقي إيّاه، وتركي ادعاءه، فأمرَ لي بمعروف، وأحسنَ إلى زحنة (١). (٥: ٥٣٨)
قال أبو مخنف: وحدّثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق عن حبيب بن كرّة، قال: والله إنَّ راية مروان يومئذ لمعي، وإنه ليدفع بنعل سيفه في ظهري، وقال: ادْنُ برايتك لا أبا لك! إنَّ هؤلاء لو قد وجدوا لهم حدّ السيوف انفرجوا انفراجَ الرأس، وانفراج الغنم عن راعيها، قال: وكان مروان في ستة آلاف، وكان على خيله عبيد الله بن زياد، وكان على الرُّجال مالك بن هُبيرة؛ قال عبد الملك بن نوفل: وذكروا: أنّ بِشر بن مروان كانت معه يومئذ رايةٌ يقاتل بها وهو يقول:
إنَّ على الرئيسِ حقًّا حقَّا ... أن يَخضِبَ الصَّعْدَةَ أو تَنْدَقَّا
قال: وصُرع يومئذ عبد العزيز بن مروان. قال: ومرَّ مروان يومئذ برجل من محارب وهو في نفر يسيرٍ تحت راية يقاتل عن مروان، فقال مروان: يرحمك الله! لو أنك انضممت بأصحابك، فإني أراك في قلة! فقال: إنَّ معنا يا أمير المؤمنين من الملائكة مددًا أضعاف من تأمرنا ننضمّ إليه، قال: فُسرَّ بذلك مروان وضحك، وضمَّ أناسًا إليه ممّن كان حوله؛ قال: وخرج الناس منهزمين من المرج إلى أجنادهم، فانتهى أهل حمص إلى حمص والنعمان بن بشير عليها،