للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمَّا بلغ النعمان الخبر خرج هاربًا ليلًا ومعه امرأته نائلة بنت عُمارة الكلبيَّة، ومعه ثَقَله وولدُه، فتحيَّر ليلته كلَّها، وأصبح أهل حمص فطلبوه؛ وكان الذي طلبه رجل من الكلاعيِّين يقال له: عمرو بن الخليّ فقتله، وأقبل برأس النعمان بن بشير وبنائلة امرأته وولدها، فألقى الرأس في حجر أمّ أبان ابنة النعمان التي كانت تحتَ الحجَّاج بن يوسف بعد. قال: فقالت نائلة: ألقُوا الرأس إليّ فأنا أحقّ به منها، فألقي الرأسُ في حجرها، ثمّ أقبلوا بهم وبالرأس حتى انتهوا بهم إلى حمص، فجاءت كلب من أهل حمص فأخذوا نائلة وولدها. قال: وخرج زُفَر بن الحارث من قنَّسرين هاربًا فلحق بقرقيسيا، فلما انتهى إليها وعليها عياض الجرشي وهو ابن أسلم بن كعب بن مالك بن لغز بن أسود بن كعب بن حدس بن أسلم - وكان يزيد بن معاوية ولاه قرقيسيا، فحال عياض بين زفر وبين دخول قرقيسيا، فقال له زفر: أوثق لك بالطلاق والعتاق إذا أنا دخلت حمّامها أن أخرج منها؛ فلما انتهى إليها ودخلها لم يدخل حمّامها وأقام بها، وأخرج عياضًا منها، وتحصّن زُفر بها وثابتْ إليه قيس. قال: وخرج ناتل بن قيس الجُذاميّ صاحب فلسطين هاربًا، فلحق بابنِ الزبير بمكة، وأطبق أهل الشام على مروان، واستوثقوا له، واستعمل عليها عمّاله (١). (٥: ٥٣٩ - ٥٤٠).

قال أبو مخنف: حدّثني رجل من بني عبد ودّ من أهل الشام - يعني: الشرقيّ - قال: وخرج مروان حتى أتى مصر بعد ما اجتمع له أمر الشام، فقدم مصر وعليها عبد الرحمن بن جحدم القرشيّ يدعو إلى ابن الزبير، فخرج إليه فيمن معه من بني فهر، وبعث مروان عمرو بن سعيد الأشدق من ورائه حتى دخل مصر، وقام على منبرها يخطب الناس، وقيل لهم: قد دخل عمرو مصر، فرجعوا، وأمَّر الناس مروان وبايعوه، ثمّ أقبل راجعًا نحو دمشق، حتى إذا دنا منها بلغه أنّ ابن الزبير قد بعث أخاه مصعب بن الزُّبير نحو فلسطين، فسرّح إليه مروان عمرو بن سعيد بن العاص في جيش، واستقبله قبل أن يدخل الشام، فقاتله فهزم أصحاب مصعب، وكان معه رجل من بني عذرة يقال له محمَّد بن حريث بن سليم، وهو خال بني الأشدق، فقال: والله ما رأيت مثل مصعب بن الزبير رجلًا قط أشدّ قتالًا فارسًا وراجلًا، ولقد رأيته في الطريق يترجَّل فيطَّرد بأصحابه، ويشدّ على


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>