منذ بَعث اللهُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - من مضرَ. (٥: ٥٤٧ - ٥٤٨).
قال أبو جعفر: وأخبرنا سليمان بن مجالد الضّبيّ، قال: أغارت الترك على قصر إسفاد وابن خازم بَهراةَ، فحصروا أهله، وفيه ناس من الأزْد هم أكثر مَن فيه، فهزمتْهم، فبعثوا إلى من حولهم من الأزْد فجاؤوا لينصروهم فهزمتْهم الترك فأرسلوا إلى ابن خازم، فوجَّه إليهم زهيرَ بن حيان في بني تميم وقال له: إياك ومُشاوَلة الترك، إذا رأيتموهم فاحملوا عليهم، فأقبَل فوافاهم في يوم بارد، قال: فلما التقَوا شدُّوا عليهم فلم يَثْبتوا لهم، وانهزمت الترك واتّبعوهم حتى مضى عامّةُ الليل حتى انتهوا إلى قصر في المفازة، فأقامت الجماعة، ومضى زهير في فوارسَ يتبعهم، وكان عالمًا بالطريق، ثمّ رجع في نصف من الليل، وقد يَبِسَتْ يدُه على رُمحه من البَرد، فدعا غلامَه كعبًا، فخرج إليه، فأدخله، وجعل يُسخن له الشَّحم فيضعه على يده، ودهنوه وأوقدوا له نارًا حتى لانَ ودفِئ؛ ثمَّ رجع إلى هَراة، فقال في ذلك كعبُ بنُ معدانَ الأشْقَريّ:
فلولا الله ليَس له شريكٌ ... وضرْبِي قَوْنَسَ المَلِكِ الهُمَامِ
إذًا فاظتْ نساءُ بَني دِثارٍ ... أمام التُّرْك بادِية الخِدامِ
(٥: ٥٤٩ - ٥٥٠)
* * *
قال أبو جعفر: وحدّثني أبو الحسن الخُراسانيّ عن أبي حمّاد السُّلَميّ قال: أقام ابن خازم بهَراةَ يقاتل أوسَ بن ثعلبة أكثر من سنة، فقال يومًا لأصحابه: قد طال مُقامُنا على هؤلاء، فنادُوهم: يا معشرَ ربيعة! إنكم قد اعتصمتم