للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخندقكم، أفرضيتم من خُراسانَ بهذا الخندق؟ ! فأحفَظَهم ذلك، فتنادى الناس للقتال، فقال لهم أوس بن ثعلبة: الزموا خندقكم وقاتلوهم كما كنتم تقاتلونهم، ولا تَخرجوا إليهم بجماعتكم، قال: فعصَوْه وخرجوا إليهم، فالتقى النَّاس، فقال ابن خازم لأصحابه: اجعلوه يومَكم فيكونَ المُلْك لمن غلب، فإن قُتلتُ فأميركم شَّماس بن دِثار العُطارِديّ، فإن قُتل فأميركم بكيْر بن وِشاح الثقفيّ. (٥: ٥٥٠).

قال عليّ: وحدّثنا أبو الذيّال زهير بن هُنَيد عن أبي نَعَامة العَدَويّ عن عبيد بن نقيد، عن إياس بن زهير بن حيّان: لما كان اليوم الذي هرب فيه أوس بن ثعلبة وظفر ابن خازم ببكر بن وائل، قال ابن خازم لأصحابه حين التقوا: إني قِلْع فشدّوني على السرج، واعلموا أن عليّ من السلاح ما لا أقتلُ قدرَ جَزُوْرَيْن، فإن قيل لكم: إنّي قد قُتِلت فلا تصدّقوا.

قال: وكانت راية بني عديّ مع أبي وأنا على فرس مُحزَّم، وقد قال لنا ابن خازم: إذا لقيتم الخيلَ فاطعنوها في مناخرِها، فإنَّه لن يطعن فرسٌ في نخْرته إلا أدبر أو رَمَى بصاحبه، فلما سمع فرسي قَعقَعَة السلاح وثب بي واديًا كان بيني وبينهم؛ قال: فتلقاني رجل من بكر بن وائل فطعنت فرسَه في نُخرته فصرعه وحمل أبي ببني عدّي، واتبعتْه بنو تميم من كلّ وجه، فاقتتلوا ساعةً، فانَهزمتْ بكر بن وائل حتى انتهَوا إلى خندقهم وأخذوا يمينًا وشمالًا، وسقط ناسٌ في الخندق فقُتلوا قتلًا ذريعًا، وهرب أوسُ بن ثعلبة وبه جراحات، وحلف ابن خازم لا يؤتَى بأسيرٍ إلا قتَله حتى تغيب الشمس، فكان آخرَ من أتِي به رجلٌ من بني حنيفة يقال له: مَحْمِيَة فقالوا لابن خازم: قد غابت الشمس، قال: وفُّوا به القتلَى؛ فقُتِل. (٥: ٥٥٠ - ٥٥١).

قال: فأخبرَني شيِخٌ من بني سعد بن زيد مَنَاة: أنّ أوس بن ثعلبة هرب وبه جِراحاتٌ إلى سِجِستان، فلما صار بها أو قريبًا منها؛ مات.

وفي مقتل ابن مرثد وأمْر أوس بن ثعلبة يقول المغيرةُ بن حَبْناء، أحد بني ربيعة بن حنظلة:

وفي الحرب كنتمْ في خُراسان كلِّها ... قتيلًا ومَسجونًا بها ومُسيّرا

ويوم احْتَوَاكمْ في الحفِيرِ ابنُ خازمٍ ... فلم تَجدوا إلَّا الخنادِق مَقْبَرا

<<  <  ج: ص:  >  >>