للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال شمّاس بن دثار - وكان رجع من سجِسْتانَ بعد قتل ابن خازم، فغزا مع أمية: أيها الأمير، أنا أكفيكه، إن شاء الله، فقدَّمَه أميةُ في ثمانمئة، فأقبَل حتى نزل باسان وهي لبني نصر، وسار إليه بكيرٌ ومعه مُدركُ بن أنيف وأبوه مع شماس، فقال: أما كان في تميم أحدٌ يحاربني غيرك! ولامَه، فأرسل إليه شماس: أنت ألوَم وأسوأ صنيعًا مني، لم تَفِ لأمية ولم تشكر له صنيعَه بك؛ قَدم فأكرمك ولم يَعرِض لك ولا لأحد من عمّالك.

قال: فبيّته بكير ففرّق جمعَه، وقال: لا تَقتلُوا منهم أحدًا، وخذوا سلاحَهم، فكانوا إذا أخذوا رجلًا سلَبوه وخلّوا عنه، فتفرّقوا، ونَزَل شماس في قرية لطّيئ يقال لها: بُوينَه، وقدِم أمية فنزل كَشْماهن، ورجع إليه شمّاس بنُ دِثار فقدّم أمية ثابتَ بن قطبة مولى خُزاعة، فلقيَه بكير فأسر ثابتًا وفرّق جمعَه، وخلى بكير سبيلَ ثابت لِيَدٍ كانت له عنده.

قال: فرجع إلى أمية، فأقبل أمية في الناس، فقاتله بكير وعلى شُرطة بكير أبو رُستم الخليل بن أوْس العَبْشَميّ، فأبلى يومئذ، فنادَوه: يا صاحب شرطة عارمة - وعارمةُ جاريةُ بكير - فأحجمَ، فقال له بكير: لا أبَالَك، لا يَهدّك نداءُ هؤلاء القوم، فإنّ للعارمة فَحْلا يمنعها، فقدّمْ لواءَك، فقاتلوا حتى انحاز بكير فدخل الحائط، فنزل السوقَ العتيقة، ونزل أمية بَاسَان فكانوا يلتقون في ميدانِ يَزيدَ، فانكشفوا يومًا، فحماهم بكير، ثمّ التقَوا يومًا آخر في الميدان، فضرب رجلٌ من بني تميم على رجله فجعل يَسحبها، وهُريم يَحمِيه، فقال الرجل: اللهمّ أيِّدنا فأمِدَّنا بالملائكة، فقال له هُريم: أيها الرّجل، قاتلْ عن نفسك، فإنّ الملائكة في شُغْل عنك، فتَحامَلَ ثمّ أعاد قولَه: اللهمّ أمِدّنا بالملائكة، فقال هُريم: لتكُفنّ عني أو لأدعنّك والملائكة، وحماهُ حتى ألحقَه بالناس، قال: ونادى رجلٌ من بني تميم: يا أميةُ، يا فاضحَ قريش؛ فآلى أمية إنْ ظَفِر به أن يذبحه، فَظفِر به فذبحه بين شُرْفَتَيْن من المدينة، ثمّ التقَوا يومًا آخر، فضرب بكير بن وشاح ثابتَ بن قطبة على رأسه وانتمَى: أنا ابنُ وشاح؛ فحمل حُريث بن قطبة أخو ثابت على بكير، فانحاز بكير، وانكشف أصحابُه، وأتبع حُريث بكيرًا حتى بلغ القنطرة، فناداه: أين يا بكير؟ فكرّ عليه، فضَرَبَه حريثٌ على رأسه،

<<  <  ج: ص:  >  >>