للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين بسجستانَ وأولئك قومٌ كَتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وعلى الله ثوابهم. وأما ما أردت أن يأتيك فيه رأيي من توجيه الجنود وإمضائها إلى ذلك الفرْج الذي أصيب فيه المسلمون أو كفّها، فإنّ رأيي في ذلك أن تُمضِيَ رأيَك راشدًا موفَّقًا.

وكان الحجّاج وليس بالعراق رجلٌ أبغضَ إليه من عبد الرحمن بن محمَّد بن الأشعث، وكان يقول: ما رأيته قطّ إلا أردتُ قتلهَ (١). (٦/ ٣٢٦ - ٣٢٧).

قال أبو مِخنَف: فحدّثني نمير بن وَعْلة الهَمْدانيّ، ثمَّ اليناعيّ عن الشعبيّ، قال: كنت عند الحجاج جالسًا حين دخل عليه عبدُ الرحمن بنُ محمَّد بن الأشعث، فلما رآه الحجاج قال: انظر إلى مشيَته، والله لَهممتُ أن أضربَ عنقه. قال: فلما خرج عبد الرّحمن خرجت فسبقتُه وانتظرته على باب سعيد بن قيس السَبيعيّ، فلما انتهى إليّ قلت: ادخل بنا الباب، إني أريد أن أحدثك هو عندك بأمانة الله أن تذكره ما عاش الحجّاج. فقال: نعم، فأخبرتُه بمقالة الحجاج له؛ فقال: وأنا كما زعم الحجاج إن لم أحاول أن أزِيلهَ عن سلطانه، فأجهَد الجهد إذ طال بي وبه بقاء.

ثمّ إنَّ الحجاج أخذ في جهاز عشرين ألف رجل من أهل الكوفة، وعشرين ألف رجل من أهل البَصْرة، وجدّ في ذلك وشمّر، وأعطى الناس أعطياتَهم كمَلًا، وأخذهم بالخيول الرّوائع، والسلاح الكامل، وأخذ في عرض الناس، ولا يرى رجلًا تُذكرَ منه شجاعةٌ إلا أحسن معونَته، فمرّ عبيد الله بن أبي محْجن الثقفيّ على عباد بن الحصين الحَبَطيّ، وهو مع الحجاج يريد عبد الرحمن بن أم الحَكمَ الثقفيّ، وهو يَعرض الناس، فقال عبّاد: ما رأيت فرسًا أرْوعَ ولا أحسن من هذا، وإنّ الفرس قوّة وسلاح وإنّ هذه البغلة عَلنْداة، فزاده الحجاج خمسين وخمسمئة درهم، ومرّ به عطية العنبريّ، فقال له الحجاج؛ يا عبد الرّحمن، أحسنْ إلى هذا. فلما استَتَبّ له أمرُ ذَيْنك الجندَين، بعث الحجاج عطارد بن عمرَ التميميّ فعَسكرَ بالأهواز، ثمّ بعث عُبيد الله بن حجَر بن ذي الجوشن العامريّ من


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>