للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بني كلاب. ثمَّ بدا له، فبعث عليهم عبدَ الرحمن بن محمَّد بن الأشعث وعزل عبيد الله بن حجر، فأتَى الحجاجَ عمُّه إسماعيلَ بن الأشعث، فقال له: لا تبعثه فإني أخاف خلافَه، والله ما جازَ جسر الفرات قطّ فرأى لوالٍ من الوُلاة عليه طاعةً وسلطانًا. فقال الحجاج: ليس هناك، هُو لي أهيَب وفيَّ أرغَب من أن يخالف أمري أو يخرج من طاعتي؛ فأمضاه على ذلك الجيش، فخرج بهم حتى قدم سِجستان سنة ثمانين؛ فجمع أهلَها حين قَدِمَها (١). (٦/ ٣٢٧ - ٣٢٨).

قال أبو مِخنَف: فحدّثني أبو الزّبير الأرحَبيّ - رجل من هَمْدان كان معه - أنَّه صَعد منبرَها فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: أيها الناس، إنَّ الأمير الحجّاج ولّاني ثغرَكم، وأَمَرَني بجهاد عدوّكم الذي استباح بلادكم وأباد خيارَكم، فإياكم أن يتخلّف منكم رجل فيُحل بنفسه العقوبة، اخرجُوا إلى معسكركم فعسكروا به مع الناس. فعسكر الناسُ كلهم في معسكرهم ووضعت لهم الأسواق، وأخذ الناس بالجهاز والهيئة بآلة الحرب، فبلغ ذلك رُتبيل، فكتَبَ إلى عبد الرحمن بن محمَّد يعتذر إليه من مُصاب المسلمين ويخبره أنَّه كان لذلك كارهًا، وأنهم ألجؤوه إلى قتالهم، ويسأله الصّلح ويَعرض عليه أن يَقبلَ منه الخراج، فلم يُجبه، ولَم يقبَل منه. ولَم ينشب عبد الرحمن أن سار في الجنود إليه حتى دخل أوّل بلاده، وأخذ رُتْبيل يضمّ إليه جندَه، ويدع له الأرض رُستاقًا رستاقًا، وحصنًا حصنًا، وطفق ابن الأشعث كلما حوَى بلَدًا بعث إليه عاملًا، وبعَثَ معه أعوانًا، ووضع البُرُد فيما بين كل بلد وبلد، وجعل الأرصاد على العِقاب والشعاب، ووضع المَسالح بكلّ مكان مخوف، حتى إذا جاز من أرضه أرضًا عظيمة، وملأ يديه من البقر والغنم والغنائم العظيمة، حبس الناسَ عن الوُغول في أرض رُتْبيل وقال: نكتفي بما أصبْناه العام من بلادهم حتى نجبيها ونعرفها، وتجترئ المسلمون على طُرقها، ثمّ نتعاطى في العام المقبل ما وراءها، ثمّ لم نزل نتنقّصهم في كلّ عام طائفةً من أرضهم حتى نقاتلهم آخر ذلك على كنوزهم وذراريِّهم، وفي أقصى بلادهم، وممتنَع حصونهم، ثمَّ لا نزايل بلادهم حتى يُهلكهم الله.


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>