يُدعَى نُصَيرًا، فلما رأى مشيتَه بين الصفَّين، وكان يلومه على مِشْيته قال: لا ألومُه على هذه المِشْية أبدًا.
وقتِل الطفيل بن عامر بن واثلة، وقد كان قال وهو بفارسَ يُقبل مع عبد الرحمن من كَرْمان إلى الحجاج:
أَلا طَرَقَتْنا بالغَريَّيْنِ بَعدَما ... كلِلْنَا على شَحْط المَزارِ جَنُوبُ
أَتوْكَ يقُودُون المَنايا وإِنَّمَا ... هدَتها بأوَلَانا إليك ذُنوبُ
ولا خيْرَ في الدّنيا لِمن لم يكَن لهُ ... منَ اللهِ في دَارِ القرَارِ نصيب
ألا أَبلِغ الحجّاج أَنْ قد أظَلَّهُ ... عذاب بأَيْدِي المؤمنينَ مُصيبُ
متى نَهْبط المصرَين يهْرُبْ مُحمّدٌ ... ولَيْسَ بِمُنْجِى ابنِ اللعين هرُوبُ
قال: منَّيتَنا أمرًا كان في علم الله أنَّك أولَى به، فعجَّلَ لك في الدنيا، وهو معذبك في الآخرة، وانهزمَ الناسُ، فأقبل عبد الرحمن نحوَ الكوفة وتبعه من كان معه من أهلِ الكوفة، وتَبِعه أهلُ القوّة من أصحاب الخيل من أهل البَصْرة.
ولما مضى عبدُ الرحمن نحوَ الكوفة وَثَب أهل البَصرة إلى عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب فبايعوه، فقاتَل بهم خمسَ ليال الحجّاج أشدّ قتال رآه الناس، ثمّ انصرف فلَحق بابن الأشعث، وتبعه طائفة من أهل البَصْرة فلَحِقوا به، وخرج الحَرِيش بن هلال السعديّ وهو من بني أنيف الناقة - وكان جريحًا - إلى سَفَوانَ فماتَ من جِراحتِه، وقُتِل في المعركة زيادُ بنُ مقاتل بن مِسمَع من بني قيس بن ثعلبة، فقامت حَمِيدة ابنتُه تَندبُه، وكان على خُمس بكرِ بن وائل مع ابن الأشعث وعلى الرّجال، فقالت:
وحامَى زيادٌ على رايتَيْهِ ... وفرَّ جُدَيُّ بني العَنبَرِ
فجاء البلتَع السعديّ فسمعها وهي تَندُب أباها، وتعيب التميميّ، فجاء وكان يبيع سَمْنًا بالمِربَد، فترك سَمْنه عند أصحابه، وجاء حتى قام تحتها فقال:
علامَ تلَوِمينَ من لم يُلِمْ ... تَطاول لَيْلكِ من مُعْصِرِ!
فإنْ كانَ أَردَى أَباكِ السِّنانُ ... فقَدْ تلْحَقُ الخَيْلُ بالمدْبِرِ
وقَدْ تَنْطَحُ الخَيْلُ تحْتَ العَجَا ... ج غَيْرَ البريّ ولا المُعْذِرِ
ونَحْنُ منَعْنَا لواءَ الحَريشِ ... وطاح لواءُ بني جحْدرِ
فقال عامر بن واثلة يرثي ابنَه طُفيلًا: