للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوَثب الناسُ من كل جانب، فقالوا: إنَّ الله قد أهلكهم فأصبحوا في الأزْل والضّنْك والمجاعة والقلّة والذلّة، ونحن ذوو العَدَد الكثير، والسعر الرفيغ والمادّة القريبة، لا واللهِ لا نقبل.

فأعادوا خلعَه ثانية، وكان عبد الله بن ذواب السلميّ وعمَير بن تيحان أوّل من قام بخلعه في الجمَاجم، وكان اجتماعهم على خلعه بالجماجم أجمع من خلعهم إياه بفارسَ.

فرجع محمَّد بنُ مروانَ وعبد الله بن عبد الملك إلى الحجاج فقالا: شأنَك بعَسْكرك وجندِك فأعمل برأيك، فإنا قد أمِرْنا أن نَسمَع لك ونطيع، فقال: قد قلتُ لكما: إنه لا يُراد بهذا الأمر غيرُكما، ثمَّ قال: إنما أقاتل لكما، وإنما سلطاني سلطانُكما، فكانا إذا لَقِياه سلَّما عليه بالإمرة، وقد زَعَم أبو يزيدَ السَّكْسكيّ أنَّه إنما كان أيضًا يسلّم عليهما بالإمرة إذا لقيَهما، وخلَّياه والحرب فتولّاها (١). (٦/ ٣٤٦ - ٣٤٩).

قال أبو مخنَف: فحدّثني الكلبي محمَّد بن السائب أنّ الناس لما اجتمعوا بالجماجم سمعتُ عبد الرحمن بن محمَّد وهو يقول: ألا إنَّ بني مَرْوان يعيَّرون بالزّرقاء، والله ما لهم نسبٌ أصحّ منه إلا أن بني أبي العاص أعلاجٌ من أهل صَفّورِيَة، فإن يكنْ هذا الأمر في قريش فعنّي فُقئتْ بَيضة قريش، وإن يَك في العرب فأنا ابن الأشعث بن قيس - ومدّ بها صوتَه يُسمِع الناسَ - وبَرَزوا للقتال، فجعل الحجّاجُ على ميمنته عبدَ الرحمن بنَ سُليم الكلبيّ، وعلى ميسرَته عُمارة بن تميم اللّخميّ، وعلى خَيلِه سُفْيان بن الأبرد الكلبي، وعلى رجَّالته عبد الرحمن بن حبيب الحكميّ، وجعل ابن الأشعث على ميمنته الحجّاج بن جارية الخثعميّ، وعلى ميسَرته الأبرد بن قرّة التميميّ، وعلى خَيلِه عبد الرّحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث الهاشميّ، وعلى رجَّالته محمَّد بن سعد بن أبي وقّاص، وعلى مجففته عبد الله بن رِزَام الحارثيّ، وجعل على القرّاء جَبَلة بن زَحْر بن قيس الجعفيّ، وكان معه خمسةَ عشرَ رجلًا من قريش،


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>