فلو أنَّ الوليدَ أُطاعُ فيه ... جعلتُ له الخلافةَ والذِّماما
شَبيهُكَ حَول قُبَّتهِ قريشٌ ... به يَستَمطِرُ الناسُ الغماما
ومثلك في التُّقى لم يَصْبُ يومًا .. لدُنْ خَلَعَ القلائدَ والتَّماما
فإن تُؤثِرْ أَخاكَ بها فإنَّا ... وجَدّكَ لا نُطِيقُ لها اتّهاما
ولكنَّا نُحاذرُ من بَنيه ... بنى العَلَّاتِ مأْثَرَةً سَمَامَا
ونخشى إن جَعلتَ المُلكَ فيهمْ ... سحابًا أن تَعُودَ لهم جَهَامَا
فلا يَكُ ما حَلْبتَ غدًا لقومٍ ... وبعدَ غَدٍ بَنُوِكَ هُمُ العِيامَا
فأُقسِمُ لو تَخطَّأَني عِصَامٌ ... بذلك ما عَذرتُ به عِصَاما
لو أَنِّي حَبَوتُ أَخًا بفضل أريدُ به المقالة والمقاما
لعَقَّبَ في بَنِيَّ على بنيه ... كذلك أو لَرُمتُ له مرامَا
فَمَن يَكُ في أقَاربه صُدُوع ... فصدعُ الملكِ أبطؤهُ التئَامَا
فقال عبدُ الملك: يا عِمرانُ، إنه عبد العزيز، قال: احتَلْ له يا أميرَ المؤمنين.
قال عليّ: أراد عبدُ الملك بيعةَ الوليدِ قبل أمرِ ابن الأشعث, لأنّ الحجَّاج بعثَ في ذلك عمران بن عصام، فلما أبى عبدُ العزيز أعرض عبدُ الملك عمّا أراد حتى ماتَ عبد العزيز، ولما أراد أن يَخلَع أخاه عبدَ العزيز ويُبايعَ لابنه الوليد كتب إلى أخيه: إن رأيت أن تصيِّر هذا الأمر لابن أخيك! فأبى، فكَتَب إليه: فاجعلْها له من بعدك، فإنه أعزّ الخلق على أمير المؤمنين، فكتب إليه عبد العزيز: إني أرَى في أبي بكر بن عبد العزيز ما تَرَى في الوليد، فقال عبد الملك: اللهمّ إنّ عبد العزيز قَطعَني فاقطعْه، فكتب إليه عبدُ الملك: احمِل خراجَ مصرَ، فكتَبَ إليه عبدُ العزيز: يا أميرَ المؤمنين، إني وإيّاكَ قد بلَغْنا سِنًّا لم يبلْغها أحدٌ من أهلِ بيتك إلا كان بقاؤه قليلًا، وإنّي لا أدري ولا تَدرِي أيُّنا يأتيه الموتُ أوّلًا! فإن رأيتَ ألّا تغثّث عليّ بقيةَ عمري فافعل.
فرقّ له عبدُ الملك وقال: لَعمْرِي لا أغثّث عليه بقية عُمرِه، وقال لابنَيه: إن يُرد الله أن يُعِطيكموها لا يَقدِرْ أحدٌ من العباد على ردّ ذلك. وقال لابنيه: الوليد وسليمان: هل قارفتُما حَرامًا قطّ؟ قالا: لا واللهِ، قال: الله أكبر، نِلتُماها ورب الكعبة!
قال: فلما أبى عبدُ العزيز أن يجيبَ عبدَ الملك إلى ما أراد، قال: