كانت سمرقندُ أحقابًا يَمانيةً ... فاليوم تَنْسُبُهَا قَيْسيةً مُضَرُ
(٦/ ٤٧٩).
قال: وقال أبو الحسن الجُشميّ: فدعا قتيبةُ نهارَ بنَ تَوْسِعة حين صالَح أهلَ السُّغْد، فقال: يا نهارُ، أين قولك:
ألا ذَهَبَ الغزْوُ المُقَرِّبُ للغنَى ... وماتَ النَّدَى والجودُ بَعْدَ المهلَّبِ
أقَاما بمرْوِ الرُّوذ رَهْنَ ضَريحهِ ... وقَدْ غَيّبا عن كلِّ شَرْقٍ ومغْرِب
أفغَزْوٌ هذا يا نهارٌ؟ قال: لا، هذا أحسنُ، وأنا الذي أقول:
وما كان مُذْ كُنَّا ولا كان قَبْلنا ... ولا هو فيما بعدَنا كابن مُسلم
أعمَّ لأهل الترْك قَتْلًا بسيْفِهِ ... وأكثرَ فينا مَقْسِمًا بعدَ مَقسِم
قال: ثمّ ارتحل قتيبة راجعًا إلى مروَ واستخلف على سمرقند عبدَ الله بن مسلم، وخلّف عنده جندًا كثيفًا، وآلةً من آلة الحرب كثيرةٌ، وقال: لا تدَعنّ مُشرِكًا يدخل بابًا من أبواب سمرقند إلا مختوم اليد، وإن جفّتَ الطينة قبل أن يَخرُج فاقتُله، وإن وجدتَ معه حديدةً؛ سكينًا فما سواه فاقتلْه، وإن أغلَقْت الباب ليلًا فوجدتَ فيها أحدًا منهم فاقتله، فقال كَعْب الأشقريّ - ويقال رجلٌ من جُعفيّ:
كُلّ يومٍ يَحْوِى قتيبةُ نَهبًا ... ويزيدُ الأَموِالَ مالًا جدِيدَا
باهليٌّ قد أُلبسَ التاجَ حتَّى ... شاب منهُ مَفارِقٌ كنَّ سُودَا
دَوَّخ السُّغدَ بالكتَائِب حتَّى ... تركَ السُّغد بالعرَاءِ قُعُودَا
فوليدٌ يبكي لفَقْدِ أَبيهِ ... وأبٌ مُوجَعٌ يُبَكِّي الوليدا
كلما حَلَّ بلدةً أو أتاهَا ... تَرَكتْ خَيْلهُ بها أخدُودَا
قال: وقال قتيبةُ: هذا العَداءُ لا عداءُ عَيرين, لأنه فتَح خُوارزم وسَمرقند في عام واحد؛ وذلك أنّ الفارس إذا صَرَع في طلق واحد عَيرَين قيل: عادَى بينَ عَيْرَين، ثم انصرفَ عن سمرقنَد فأقام بمَرْو. (٦/ ٤٧٩ - ٤٨٠).
وكان عامله على خوارزم إياسُ بنُ عبد الله بن عمرو على حَرْبها، وكان ضعيفًا وكان على خَراجها عُبيد الله بن أبي عُبيد الله مولى بني مسلم.
قال: فاستَضعف أهلُ خوارزم إياسًا، وجَمَعوا له، فكَتَب عُبيدُ الله إلى قتيبة، فبعث قتيبةُ عبد الله بن مسلم في الشتاء عاملًا، وقال: اضرِبْ إياسَ بن