قال: وأما باهلة فيقولون: سار قتيبةُ فجعل النهرَ يمينَه حتى وردَ بخارَى، فاستنهَضَهم معه، وسار حتى إذا كان بمدينة أرْبِنْجَن، وهي التي تُجلَب منها اللبود الأربنْجَنيَّة، لقيهم غوزك صاحبُ السُّغد في جمع عظيم من الترك وأهل الشاش وفَرْغانة، فكانت بينهم وقائعُ من غير مُزاحفة، كل ذلك يَظهر المسلمون ويتحاجَزون حتى قَربُوا من مدينة سَمَرْقند، فتزاحفوا يومئذ، فَحمل السُّغد على المسلمين حملةً حَطموهم حتى جازُوا عسكرهم، ثمّ كرّ المسلمون عليهم حتى رَدُّوهم إلى عسكرهم، وقَتَل الله من المشركين عددًا كثيرًا، ودخلوا مدينةَ سمرقند فصالَحوهم. (٦/ ٤٧٨).
قال: وأخبرنا الباهليون عن حاتم بن أبي صَغِيرة؛ قال: رأيت خيلًا يومئذ تُطاعِنُ خيلَ المسلمين، وقد أمر يومئذ قتيبةُ بسَريره فأبرز، وقَعد عليه، وطاعَنوهم حتى جازوا قتيبة، وإنه لمُحْتَب بسيفِه ما حَلّ حَبْوتَه، وانطوتْ مجنّبتَا المسلمين على الذين هَزَموا القَلْب، فهزَموهم حتى رَدّوهم إلى عسكرهم، وقُتِل من المشركين عددٌ كثير، ودخلوا مدينةَ سمرقنْد فصالَحوهم، وصنع غوزك طعامًا ودعا قُتيبةَ، فأتاه في عدد من أصحابه، فلما تَغدّى استوهَبَ منه سمرقنْد، فقال للمَلِك، انتقِلْ عنها، فانتَقَل عنها، وتلا قُتَيبة: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (٥٠) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى}. (٦/ ٤٧٨)
قال: وأخبرنا أبو الذّيالِ، عنْ عمر بن عبد الله التميميّ، قال: حدّثني الذي سرّحه قُتيبة إلى الحجاج بفتح سمرقَنْد، قال: قدمتُ على الحجّاج فوَجهني إلى الشام، فقدمْتها فدخلت مسجدَها، فجلستُ قبل طلوع الشمس وإلى جَنْبي رجلٌ ضَرير، فسألتُه عن شيء من أمر الشام، فقال: إنك لغريب، قلتُ: أجَل؛ قال: من أيّ بلد أنت؟ قلتُ: من خُراسان. قال: ما أقدَمَك؟ فأخبرتُه؛ فقال: والذي بعثَ محمّدًا بالحق ما افتتحِتموها إلا غدرًا، وإنكم يا أهل خُراسانَ للّذين تَسلُبون بني أمية مُلكهم، وتَنقُضُون دمشقَ حَجرًا حجرًا. (٦/ ٤٧٩).
قال: وأخبَرنا العلاءُ بن جَرير، قال: بلَغني أن قتيبةَ لما فتح سمرقند وقَف على جَبَلِها فنظر إلى الناس متفرّقين في مُروج السُّغْد، فتمثَّل قولَ طرَفة: