وكيعًا لم يجتمع له مئة عنَان قطّ إلا حدّث نفسَه بغدرة؛ خامل في الجماعة، نابه في الفتنة، فقال: ما هو إذًا ممن نستعين به - وكانت قيسٌ تَزعُم أن قتيبة لم يخلع - فاستعمل سليمانُ يزيد بن المهلب على حَرْب العراق، وأمَره إن أقامت قيسٌ البيّنة أن قتيبة لم يَخلَع فينزَع يدًا من طاعة، أن يُقيد وكيعًا به، فغدَر يزيدُ، فلم يُعْطِ عبدَ الله بن الأهتم ما كان ضَمِن له، ووجَّه ابنَه مخلدَ بن يزيد إلى وكيع. (٦/ ٥٢٦ - ٥٢٧).
رَجْع الحديثِ إلى حديث عليّ، قال عليّ: أخبَرَنا أبو مخنف عن عثمانَ بن عمرو بن محصن، وأبو الحسن الخُراسانيّ عن الكرمانيّ، قال: وجه يزيدَ ابنَه مخلدًا إلى خُراسان فقدّم مخلَدُ عمرو بن عبد الله بن سِنان العتَكيّ، ثم الصَّنَابحيّ حين دَنَا من مَرْوَ، فلما قدمها أرسل إلى وكيع أن الْقَني، فأبى، فأرسَل إليه عمرو، يا أعرابي أحمقَ جِلفًا جافيًا، انطَلِق إلى أميرك فتَلقه، وخَرَج وجوهٌ من أهل مَرْوَ يتلقَّونْ مخلَدًا، وتثاقلَ وكيعٌ عن الخروج، فأخرَجهَ عمرو الأزْديّ، فلما بلغوا مخلَدًا نزل الناس كلّهم غير وكيع ومحمد بن حمران السعديّ وعبّاد بن لقيط أحد بني قيس بن ثعلبة، فأنزلوهم، فلما قَدِم مروَ حبس وكيعًا فعذَّبه، وأخذ أصحابه فعذّبهم قبل قُدوم أبيه. (٦/ ٥٢٧).
قال عليّ: عن كلُيب بن خلف، قال: أخبرنا إدريسُ بن حنظلة، قال: لما قَدِمَ مخلد خُراسان حَبَسني، فجاءني ابن الاهتم فقال لي: أتريد أن تَنجُوَ؟ قلت: نعم، قال: أخرج الكتبَ التي كِتَبها القَعْقاع بن خُلَيد العَبْسيّ وخُرَيم بن عمرو المرّيّ إلى قُتيبةَ في خَلْع سليمان، فقلت له: يا بنَ الأهتم، إيّاي تخدع عن ديني! قال: فدعا بطُومار وقال: إنك أحمَق، فكتب كُتُبًا عن لِسان القَعْقاع ورجال من قَيْس إلى قُتيبة، أنَّ الوليد بن عبد الملك قد مات، وسليمان باعث هذا المَزُونيّ على خُراسان فاخلَعه. فقلتُ: يا بنَ الأهتم، تُهلِك واللهِ نفسَك! والله لئن دخلتُ عليه لأعْلمنَّه أنك كتبتَها. (٦/ ٥٢٧ - ٥٢٨).
قال: ووَصَل يزيدَ عبد الملك بن سلام السّلُوليّ فقال:
ما زال سيْبُك يا يزِيدُ بَحوبَتي ... حتَّى أتوَيتُ وجُودكُمْ لا يُنكَرُ
أنتَ الرَّبيع إذا تكون خَصَاصةٌ ... عاش السَّقيِم به وعاش المُقتِرُ