للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه ابن أبي سَبْرة فقتَله، فكانت هزيمتُهم حتى انتهَى المسلمون إلى فَمِ الشَّعب؛ فذَهبَوا ليَصعَدوا فيه، وأشرَف عليهم العدوّ، يَرشُقونهم بالنشاب، ويَرمُونَهم بالحِجارة، فانهَزَم الناسُ من فَمِ الشِّعب من غير كبير قتال ولا قوّة من عدوّهم على اتباعهم وطلبِهم، وأقبلوا يَركب بعضهم بعضًا، حتى أخذوا يَتساقَطون في اللُّهوب، ويتَدهْدى الرجلُ من رأسِ الجبل حتى نزلوا إلى عسكر يزيد لا يَعبَؤون بالشرّ شيئًا.

وأقامَ يزيدُ بمكانِه على حالِه، وأقبل الإصبهبذ يكاتب أهلَ جُرْجان ويسألهم أن يَثبوا بأصحاب يزيد، وأن يَقطعَوِا عليه مادّته والطرق فيما بينَه وبين العرب، ويَعِدهم أن يكافِئهم على ذلك، فوثَبوا بمن كان يزيد خلّف من المسلمين، فقتلَوا منهم من قَدَروا عليه، واجتمعَ بقيَّتهم فتحصّنوا في جانب، فلم يزالوا فيه حتى خرج إليهم يزيد، وأقام يزيدُ على الإصبهبذ في أرضه حتى صالَحه على سبعمئة ألف درهم وأربعمئة ألف نقدًا ومئتي ألف وأربعمئة حمار موقرة زَعْفرانًا، وأربعمئة رَجُل، على رأس كلّ رجل بُرْنُس، على البُرْنس طَيْلَسان ولجام من فضّة وسَرقة من حرير، وقد كانوا صالحوا قبل ذلك على مئتي ألف درهم.

ثمّ خرج منها يزِيدُ وأصحابُه كأنهم فَلّ، ولولا ما صنعَ أهلُ جُرجانَ لم يَخرج من طبَرستان حتى يَفتحها (١). (٦/ ٥٣٢ - ٥٣٥).

قال عليّ: قال أبو بكر الهذليّ: كان شَهْر بن حوشب على خزائن يزيد بن المهلب، فرفعوا عليه أن أخذَ خَريطةً، فسأله يزيدُ عنها، فأتاه بها، فدعا يزيدُ الذي رَفَع عليه فشَتَمه؛ وقال لشَهر: هي لك، قال: لا حاجةَ لي فيها، فقال القُطاميّ الكلبيّ - ويقال: سِنان بن مكمّل النّميريّ:

لقد بَاعَ شَهرٌ دِينَهُ بِخَريطَةٍ ... فمن يأْمَنُ القرَّاءَ بعدَك يا شَهْرُ؟ !

أخَذْتَ به شيئًا طَفِيفًا وبِعْتَهُ ... من ابن جونبوذ إنَّ هذا هو الغَدْرُ

وقال مرة النَّخْعيّ لشهْر:

يابن المُهَلَّب ما أَرَدتَ إلى امرئٍ ... لولَاكَ كان كصالح القُرَّاء

(٦/ ٥٣٨ - ٥٣٩).


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>