للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن المثنّى: هكذا قال عثمان بن عمر، وإنما هو "فجُئثت منه" (١) فلقيتُ خديجة، فقلت: دَثِّروني، فدَثّروني، وصبُّوا عليَّ ماءً، وأنزل عليّ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ} (٢: ٣٠٣ - ٣٠٤).

١٢ - حدَّثنا أبو كُريب، قال: حدَّثنا وكيع عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كَثير، قال: سألتُ أبا سلَمة عن أوّلِ ما نزل من القرآن، قال: نزلت: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} أوّل، قال: قلت: إنّهم يقولُون: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ خَلَقَ}، فقال: سألت جابر بن عبد الله، فقال: لا أحدّثك إلا ما حدَّثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: جاورتُ بحراء، فلمَا قضيت جواري، هبطت فسمعت صوتًا، فنظرت عن يميني فلم أرَ شيئًا وعن شمالي فلم أرَ شيئًا، ونظرت أمامي فلم أرَ شيئًا، ونظرت خَلْفي فلم أرَ شيئًا، فرفعت رأسي، فرأيت شيئًا، فأتيت خديجة، فقلت: دَثِّروني، وصبُّوا عليَّ ماءً، قال: فدثَّرُوني وصبُّوا عليَّ ماء باردًا، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (٢). (٢: ٣٠٤).

١٣ - حدّثني أحمد بن محمد بن حبيب الطّوسي، قال: حدَّثنا أبو داود الطيالسيّ، قال: أخبرنا جعفر بن عبد الله بن عثمان القُرشيّ، قال: أخبرني عمر بن عروة بن الزبير، قال: سمعتُ عروة بن الزبير يحدِّث عن أبي ذَرّ الغِفَاريّ


(١) إسناده صحيح وسيأتي الحديث عنه في الرواية التالية.
(٢) إسناده صحيح وأخرجه البخاري من طريق يحيى بن أبي كثير به (ح ٤٩٢٢) ومسلم مع اختلاف في اللفظ (ح ١٦١).
وهذه الرواية تفيد أن قوله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} أول ما نزل من القرآن، ويعارضه ظاهرًا الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم والطبري وغيرهم أن قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} هو أول لما نزل من القرآن وهو قول الجمهور كما قال ابن كثير، وقد جمع العلماء بين الروايتين -ومنهم الزركشي- جمعًا حسنًا فقالوا: أول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} وأول سورة نزلت هي سورة المدثر. وعند الإمام رواية تزيل هذا التعارض الظاهر (المسند ٣/ ٣٢٥) [عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ثم فتر الوحي عني فترة، فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني قاعد على كرسي بين السماء والأرض فَجُئِثْتُ منه فرقًا حتى هويت إلى الأرض فجئت أهلي فقلت لهم زملوني، زملوني، فأنزل الله {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}. ثم حمي الوحي وتتابع].
والحديث أخرجه كذلك البخاري في صحيحه (ح ٤٩٢٦) ومسلم (ح / ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>