للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروى:

فإما تثقَفُوني فاقتلوني ... فمَنْ أَثَقفْ فليس إلى خُلود

هُمُ الأعَداءُ إن شَهدُوا وغابوا ... أولوا الأَحْقَادِ والأكَبادُ سودُ

أَرِيغُوني إِرَاغَتَكُمْ فإِني ... وحَذْفَةَ كالشَجَا تحتَ الوريدِ

ويروى: "أريدوني إرادتكم".

قال: وبعث مسلم على كُوره رجلًا من قِبَله على حربها.

قال: وكان ابنُ هبيرة حريصًا، أخذ قَهرمانًا ليزيد بِن المهلب، له علم بخراسان وبأشرافهم، فحبسه فلم يَدَع منهم شريفًا إلَّا قَرَفَه (١)، فبعث أبا عبيدة العنبريّ ورجلًا يقال له خالد، وكتب إلى الحَرَشِيّ وأمره أن يدفع الذين سمَّاهم إليه يستأديهم فلم يفعل، فردّ رسول ابن هُبيرة، فلما استعمل ابن هبيرة مسلم بن سعيد أمره بجباية تلك الأموال، فلمّا قدم مسلم أراد أخذ الناس بتلك الأموال التي قرفت عليهم، فقيل له: إن فعلت هذا بهؤلاء لم يكن لك بخراسان قرار، وإن لم تعمل في هذا حتى توضَع عنهم فسدَتْ عليك وعليهم خراسان؛ لأنّ هؤلاء الذين تريد أن تأخذهم بهذه الأموال أعيان البلد قُرِفوا بالباطل؛ إنما كان على مِهْزَم بن جابر ثلاثمئة ألف فزادوا مئة ألف فصارت أربعمئة ألف، وعامَّة من سُمّوا لك ممن كثر عليه بمنزله.

فكتب مسلم بذلك إلى ابن هبيرة، وأوفد وفدًا فيهم مِهْزَمَ بن جابر، فقال له مِهْزم بن جابر: أيها الأمير، إنّ الذين رُفع إليك الظلم والباطل، ما علينا من هذا كله لو صدق إلَّا القليل الذي لو أخذنا به أدّيناه، فقال ابن هبيرة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، فقال: اقرأ ما بعدها: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (٢)، فقال ابن هبيرة: لابُدَّ من هذا المال، قال: أما والله لئن أخذتَه لتأخذنّه من قوم شديدة شوكتهم ونكايتهم في عدوّك، وليضرّن ذلك بأهل خراسان في عدَّتهم وكُراعهم وحَلْقتهم؛ ونحن في ثغر نُكابد فيه عدوًّا لا ينقضي حربهم؛ إنَّ أحدنا ليلبس الحديد حتى يخلص صدؤه إلى جلده، حتى إن الخادم


(١) قرفه: اتهمه ورماه. القاموس المحيط ص ١٠٩١.
(٢) سورة النساء: ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>