للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك في المسلمين، وكان معقل حين ضرب الحدّ قذف الحَرشيّ أيضًا فأمر خالد بإعادة الحدّ، فقال القاضي: لا يُحَدّ، قال: وأمّ عمر بن هبيرة بُسرة بنت حسان، عدوّية من عديّ الرِّباب (١) [٧/ ١٤ - ١٧].

قال. ثم سمر ليلة ومسلم في سَمَرِه، فتخلّف مسلم بعد السُّمَّار، وفي يد ابن هبيرة سفرْجلة، فرمى بها، وقال: أيسُرّك أن أولِّيَك خراسان؟ قال: نعم، قال: غدوة إن شاء الله، قال: فلما أصبح جلس، ودخل الناس؛ فعقد لمسلم على خراسان وكتب عهده، وأمره بالسير، وكتب إلى عمال الخراج أن يكاتبوا مسلم بن سعيد، ودعا بجبلَة بن عبد الرحمن مولَى باهلة فولّاه كِرْمان، فقال جبلة: ما صنعت بي المولوّية! كان مسلم يطمع أن ألِي ولايةً عظيمة فأولِّيه كورة، فعُقد له على خُراسان وعقد لي على كرمان! قال: فسار مسلم فقدم خراسان في آخر سنة أربع ومئة - أو ثلاث ومئة - نصف النهار، فوافق باب دار الإمارة مغلقًا، فأتى دار الدوابّ فوجد الباب مغلقًا فدخل المسجد، فوجد باب المقصورة مغلَقًا، فصلى، وخرج وصيفٌ من باب المقصورة فقيل له: الأمير، فمشى بين يديه حتى أدخله مجلس الوالي في دار الإمارة، وأعلِم الحَرَشيّ، وقيل له: قدم مسلم بن سعيد بن أسلم، فأرسل إليه: أقدمت أميرًا أو وزيرًا أو زائرًا؟ فأرسل إليه: مثلي لا يقدم خراسان زائرًا ولا وزيرًا، فأتاه الحَرشيّ فشتمه وأمر بحبسه، فقيل له: إن أخرجته نهارًا قتِل، فأمر بحسبه عنده حتى أمسى، ثم حبسه ليلًا وقيّده، ثم أمر صاحب السجن أن يزيده قَيْدًا، فأتاه حزينًا، فقال: مالك؟ فقال: أُمِرْتُ أن أزيدك قيدًا، فقال لكاتبه: اكتب إليه: إنّ صاحب سجنك ذكر أنك أمرته أن يزيدني قيدًا، فإن كان أمرًا ممّن فوقك فسمعًا وطاعةً، وإن كانْ رأيًا رأيته فسيرك الحَقْحقة (٢)، وتمثّل:

هُمُ إن يَثقفوني يقتلوني ... ومن أَثْقَفْ فليس إلى خلود (٣)


(١) أبو إسحاق: مجهول - ولطالما ورد ذكر ألفاظ السب والشتم من طريق رواة مجاهيل وكأن الأمراء لم يكونوا يعرفوا غير ألفاظ السب والشتم اللاذع ولا يصح ذلك.
(٢) الحقحقة: أرفع السير وأتعبه للظهر. القاموس المحيط ص ١١٣٠.
(٣) من أبيات لخالد بن جعفر بن كلاب، ذكرها صاحب الأغاني في ١١: ٨٣، وفي اللسان: ثقفته ثقفًا، أي: صادفته.

<<  <  ج: ص:  >  >>