للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَبابة: إلى من تَدَعُ الأمّة! فلما مات قالت سَلّامة القَسّ:

لا تَلُمْنا إن خَشَعنَا ... أَو هَممْنَا بالخشوعِ (١)

قد لَعَمْري بتُّ لَيلِي ... كأَخي الدَّاءِ الوَجيعِ

ثم باتَ الهمُّ منِّي ... دونَ مَن لي من ضَجِيع (٢)

للذي حلَّ بنا اليو ... مَ من الأَمر الفَظِيعِ

كلَّما أَبصرْتُ رَبْعًا ... خاليًا فاضَتْ دُمُوعي

قد خلا من سيِّدٍ كان ... لنا غيرَ مُضيعِ

ثم نادت: واأمير المؤمنيناه! والشعر لبعض الأنصار.

قال عليّ: حجَّ يزيد بن عبد الملك في خلافة سليمان بن عبد الملك فاشترى حَبابة - وكان اسمها العالية - بأربعة آلاف دينار من عثمان بن سهل بن حَنيف. فقال سليمان: هممت أن أحجر على يزيد، فردّ يزيد حَبابة فاشتراها رجل من أهل مصر، فقالت سعْدة ليزيد: يا أمير المؤمنين، هل بقي من الدنيا شيء تتمناه بعد؟ قال: نعم حَبابة، فأرسلت سَعدة رجلًا فاشتراها بأربعة آلاف دينار، وصنّعتها (٣) حتى ذهب عنها كَلال السفر، فأتت بها يزيد، فأجلستها من وراء الستر، فقالت: يا أمير المؤمنين، أبقي شيء من الدنيا تتمناه؟ قال: ألم تسأليني عن هذا مرّة فأعلمتُك! فرفعت الستر، وقالت: هذه حَبَابة، وقامت وخلّتها عنده، فحظيت سَعْدة عند يزيد وأكرمها وحباها. وسَعدة امرأة يزيد، وهي من آل عثمان بن عفان (٤).

قال عليّ عن يونس بن حبيب: إن حبابة جارية يزيد بن عبد الملك غنَّت يومًا:

بين التراقي واللهَاةِ حرَارَةٌ ... ما تطمئنّ ومَا تسُوغُ فتَبرُدُ


(١) الأغاني: ٨: ٣٤٦ - ٣٤٨، قال: "والشعر للأحوص والنوح لمعبد، صنعه لسلامة وناحت به على يزيد".
(٢) في رواية الأغاني:
ونجى الهم مِنِّي ... باب أَدنى من ضلوعي
(٣) صنعتها؛ أي زينتها ونظفّتها.
(٤) الخبر في الأغاني ١٥: ١٢٤؛ مع اختلاف في الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>