ويقال: أوّل من جاء أهل خراسان بكتاب محمد بن عليّ حرْب بن عثمان، مولى بني قيس بن ثعلبة من أهل بَلْخ.
قال: فلما قدم زياد أبو محمد، ودعا إلى بني العباس، ذكر سيرة بني مروان وظلمهم، وجعل يطعم الناس الطعام، فقدم عليه غالب من أبرشهر؛ فكانت بينهم منازعة؛ غالب يفضّل آل أبي طالب وزياد يفضّل بني العباس، ففارقه غالب، وأقام زياد بمرْو شتوةً، وكان يختلف إليه من أهل مَرْو يحيى بن عقيل الخُزاعيّ وإبواهيم بن الخطاب العدويّ.
قال: وكان ينزل بَرْزَن سويد الكاتب في دور آل الرقاد، وكان على خراج مَرْو الحسن بن شيخ، فبلغه أمرُه، فأخبر به أسد بن عبد الله، فدعا به - وكان معه رجل يكنى أبا موسى - فلما نظر إليه أسد، قال له: أعرّفك؟ قال: نعم، قال له أسد: رأيتك في حانوت بدمشق، قال! نعم، قال لزياد: فما هذا الذي بلغني عنك؟ قال: رُفع إليك الباطل، إنما قدمت خراسان في تجارة، وقد فرّقت مالي على الناس، فإذا صارَ إليّ خرجت. قال له أسد: اخرج عن بلادي، فانصرف، فعاد إلى أمره، فعاود الحسن أسدًا، وعطم عليه أمره، فأرسل إليه، فلما نظر إليه، قال: ألم أنهك عن المقام بخراسان! قال: ليس عليك أيها الأمير مني بأس. فأحفظه وأمر بقتلهم، فقال له أبو موسى: فاقض ما أنتَ قاض، فازداد غضبًا، وقال له: أنزلتَني منزلة فرعون! فقال له: ما أنزلتُك ولكن الله أنزلك. فقتِلوا، وكانوا عشرة من أهل بيت الكوفة، فلم ينجُ منهم يومئذ إلَّا غلامان استصغرهما، وأمر بالباقين فقتلوا بكشانشاه.
وقال قوم: أمر أسد بزياد أن يُحطّ وسطه، فمُدِّ بين أثنين، فضرِب فنيا السيف عنه، فكبّر أهل السوق، فقال أسد: ما هذا؟ فقيل له، لم يحِك السيف فيه، فأعطى أبا يعقوب سيفًا، فخرج في سراويل، والناس قد اجتمعوا عليه، فضربه، فنبا السيف، ففحربه ضربة أخرى، فقطعه باثنتين. [٧/ ٤٩ - ٥٠].
وكان أسد استعمل عيسى بن شداد البُرْجُميّ إمْرته الأولى في وجه وجّهه على ثابت قطنهٌ، فغضب، فهجا أسدًا، فقال: