للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخراج، وقد صار الناس كلهم عربًا؟ فكتب أشرس إلى هانئ وإلى العمال: خذوا الخراج ممن كنتم تأخذونه منه، فأعادوا الجزيْة على من أسلم، فامتنعوا؛ واعتزل من أهل الشُغد سبعة آلاف، فنزلوا على سَبْعة فراسخ من سمرقند، وخرج إليهم أبو الصيداء وربيع بن عمران التميميّ والقاسم الشيبانيّ وأبو فاطمة الأزديّ وبشر بن جرموز الضبِّيِّ وخالد بن عبد الله النحويّ وبشر بن زنبور الأزديّ وعامر بن قشير - أو بشير، الخُجَنديّ، وبيان العنبريّ وإسماعيل بن عُقْبة، لينصروهم.

قال: فعزل أشرسُ ابنَ أبي العمرّطة عن الحرب، واستعمل مكانه المجشّر بن مزاحم السلميّ، وضمّ إليه عُمَيرة بن سعد الشيبانيّ.

قال: فلما قدم المجشَّر كتب إلى أبي الصيداء يسأله أن يقدم عليه هو وأصحابهُ، فقدم أبو الصيداء وثابت قطنة، فحبسهما، فقال أبو الصيداء: غدرتم ورجعتم عما قلتم! فقال له هانئ: ليسر بغدر ما كان فيه حَقْن الدماء، وحمل أبا الصيداء إلى الأشرس، وحبس ثابت قطنة عنده؛ فلما حُمل أبو الصيداء اجتمع أصحابُه، وولوا أمرهم أبا فاطمة، ليقاتلوا هانئًا، فقال لهم: كفّوا حتى أكتبَ إلى أشرس فيأتينَا رأيُه فنعمل بأمره. فكتبوا إلى أشرس، فكتب أشْرس: ضعوا عليهم الخراج، فرجع أصحاب أبي الصِّيداء، فضعف أمرهم، فتُتبِّع الرّؤساء منهم فأخِذوا، وحمِلوا إلى مَرْو، وبقي ثابت محبوسًا، وأشرك أشرس مع هانئ بن هانئ سليمانَ بن أبي السريّ مولى بني عوافة في الخراج، فألحّ هانئ والعمال في جباية الخراج، واستخفّوا بعظماء العجم، وسلَّط المجشّر عميرة بن سعد على الدّهاقين، فأقيموا وخُرّقت ثيابهم، وألقيت مناطقهم في أعناقهم، وأخذوا الجِزية ممن أسلم من الضُّعفاء، فكفرت السُّغْد وبُخارى، واستجاشوا الترك، فلم يزل ثابت قطنة في حبس المجشّر، حتى قدم نصر بن سيار واليًا على المجشّر، فحمل ثابتًا إلى أشرس مع إبراهيم بن عبد الله الليثيّ فحبسه، وكان نصر بن سيَّار ألطفه، وأحسن إليه، فمدحه ثابت قُطْنة، وهو محبوس عند أشرس فقال:

ما هاجَ شوقك من نؤْيٍ وأحجارِ ... ومَنْ رُسُومِ عفاها صَوبُ أمطارِ!

لم يبَقَ منها وَمِنْ أعلام عَرْصتِها ... إلَّا شَجِيجٌ وإلّا موقدُ النارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>