ومائِلٌ في ديار الحَيّ بعدَهُمُ ... مثلُ الرَّبيئة في أَهدامِهِ العاري
دِيارُ ليلَى قِفارٌ لا أَنيسَ بها ... دون الحُجونِ، وأَيْنَ الحجن منْ دَارِي!
بُدِّلتُ منها وقد شَطَّ المَزَارُ بها ... وادِي المخافة لا يَسْري بها الساري
بَيْنَ السَّماوة في حَزمٍ مُشرَّقةٍ ... ومُعْنقٌ دوننا آذيُّهُ جار
نُقارعُ التركَ ما تَنفَكّ نائِحةٌ ... منَّا وَمنْهُم على ذي نَجْدةٍ شار
إن كانَ ظني بنصْر صادِقًا أَبَدًا ... فيما أُدبِّرُ مِنْ نَقْضي وإمرارِي
يَصْرفُ الجُنْدَ حتى يَسْتَفِيءَ بهم ... نهبًا عظِيمًا ويحْوِي مُلكَ جبَّار
وتَعثُرُ الخَيْلُ في الأَقيادِ آونَةً ... تحْوي النِّهابَ إلى طُلّابِ أَوتار
حتَّى يَرَوْهَا دُوَيْنَ السَّرْجِ بارِقَةً ... فيها لواءٌ كظِلِّ الأَجدَلِ الضارِي
لا يَمْنعُ الثَّغْرَ إلَّا ذُو مُحافَظة ... منْ الخَضارِمِ سبّاق بأوتارِ
إني وإِن كُنْت منْ جَذْم الذي نَضُرتْ ... منْهُ الفروعُ وَزَندِي الثاقِبُ الوارِي
لذاكِرٌ منْكَ أمرًا قَدْ سَبَقْتَ بِهِ ... من كان قَبْلكَ يا نَصْر بن سَيَّار
ناضَلْتَ عَنِّي نِضالَ الحُرِّ إذْ قَصَرَتْ ... دوني العَشِيرَةُ واسْتبْطأْتُ أَنصارِي
وصارَ كُلُّ صدِيقٍ كُنْتُ آمُلُه ... ألبًا عَلَيّ وَرَثَّ الْحَبْلُ من جارِي
وما تَلبَّسْتُ بالأَمْرِ الذي وَقَعُوا ... به عليَّ ولا دَنّسْتُ أطمارِي
ولا عَصَيْتُ إمامًا كان طاعَتَهُ ... حقًّا عليَّ ولا قَارفْتُ من عار
[٧/ ٥٤ - ٥٧].
قال عليّ: ويقال إنّ أشْرس قطع النهر، ونزل بيكنْد؛ فلم يجد بها ماء، فلما أصبحوا ارتحلوا، فلما دنوْا من قصر بُخار خداه - وكان منزله منهم على ميل - تلقّاهم ألفُ فارس، فأحاطوا بالعسكر وسطع رَهج الغُبار، فلم يكن الرّجل يقدر أن ينظر إلى صاحبه، قال: فانقطع منهم ستة آلاف، فيهم قطن بن قتيبة وغَوْزك من الدّهاقين، فانتهوا إلى قصر من قصور بُخارى، وهم يروْن أنّ أشرس قد هلك، وأشرس في قصور بخارى؛ فلم يلتقُوا إلَّا بعد يومين، ولحق غوزك في تلك الوقعة بالترك، وكان قد دخل القصر مع قَطن، فأرسل إليه قَطَن رجلًا، فصاحوا برسول قطن؛ ولحق بالترك.
قال: ويقال إن غوزك وقع يومئذ وسط خيل، فلم يجد بدًا من اللحاق بهم. ويقال إنّ أشرس أرسل إلى غَوزك يطلب منه طاسًا، فقال لرسول أشرس: إنه لم