علباء بن حبيب بن الجارود على وجهه؛ وأرسل عاصم بن عبد الله المؤمنَ بن خالد الحنفيّ وعِلباء بن أحمر اليشكريّ ويحيى بن عَقِيل الخُزاعيّ ومقاتل بن حَيَّان النَّبَطي إلى الحارث يسأله ما يريد؟ فبعث الحارث محمدَ بن مسلم العنبريّ وحدَه، فقال لهم: إنَّ الحارث وإخوانكم يقرؤونكم السلام، ويقولون لكم: قد عطشنا وعطشت دوابُّنا، فدعونا ننزل الليلة، وتختلف الرّسل فيما بيننا ونتناظر؛ فإن وافقناكم على الذي تريدون وإلّا كنتم مِنْ ورَاء أمركم؛ فأبوا عليه وقالوا مقالًا غليظًا؛ فقال مقاتل بن حيّان النبطيّ: يا أهلَ خراسان، إنا كنا بمنزلة بيت واحد وثغرنا واحد؛ ويدنا على عدوّنا واحدة؛ وقد أنكرنا ما صنع صاحبكم؛ وجّه إليه أميرنا بالفقهاء والقرَّاء من أصحابه، فوجّه رجلًا واحدًا. قال محمد: إنما أتيتُكم مبلِّغًا، نطلب كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتيكم الّذي تطلبون من غد إن شاء الله تعالى.
وانصرف محمَّد بن مسلم إلى الحارث، فلما انتصف الليل سار الحارث فبلغ عاصمًا، فلما أصبح سار إليه فالتقوْا، وعلى ميمنة الحارث رابض بن عبد الله بن زرارة التغلَبيّ، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فحمل يحيى بن حُضَيْن - وهو رأس بكر بن وائل، وعلى بكر بن وائل زياد بن الحارث بن سريج - فقتِلوا قتلًا ذريعًا، فقطع الحارث وادي مَرْو؛ فضرب رواقًا عند منازل الرّهبان، وكفّ عنه عاصم. قال: وكانت القتلى مئة، وقتِل سَعيد بن سعد بن جَزء الأزديّ، وغرق خازم بن موسى بن عبد الله بن خازم - وكان مع الحارث بن سُريج - واجتمع إلى الحارث زُهاء ثلاثة آلاف، فقال القاسم بن مسلم: لما هُزِم الحارث كفّ عنه عاصم، ولو ألحَّ عليه لأهلكه. وأرسل إلى الحارث: إني رادٌّ عليك ما ضمنت لك ولأصحابك؛ على أن ترتحل؛ ففعل.
قال: وكان خالد بن عبيد الله بن حبيب أتى الحارث ليلة هزم، وكان أصحابه أجمعوا على مفارقة الحارث، وقالوا: ألم تزعم أنه لا يردّ لك راية! فأتاهم فسكّنهم.
وكان عطاء الدّبوسيّ من الفُرسان، فقال لغلامه يوم زَرْق: أسرِج لي بِرذوْني