بيعتَهم بالطلاق والعتَاق فأقم، وإن أبوْا فسر حتى تنزل أبرشهر، وتكتب إلى أمير المؤمنين فيمدّك باهل الشأم. فقال خالد بن هريم أحد بني ثعلبة بن يربوع وأبو محارب هلال بن عُلَيْم: والله لا نخلِّيك والذهاب، فيلزمنا دَينْك عند أمير المؤمنين، ونحن معك حتى نموت إن بذلت الأموال. قال: أفعل، قال يزيد بن قرّان الرّياحيّ: إن لم أقاتل معك ما قاتل فابنةُ الأبرد بن قُرّة الرياحيّ طالق ثلاثًا - وكانت عنده - فقال عاصم: أكلّكم على هذا؟ قالوا: نعم. وكان سلمة بن أبي عبد الله صاحب حَرسه يحلِّفهم بالطلاق.
قال: وأقبل الحارث بن سُريج إلى مَرْو في جمع كثير - يقال في ستين ألفًا - ومعه فرسان الأزْد وتميم؛ منهم محمد بن المثنّى وحمّاد بن عامر بن مالك الحِمانيّ وداود الأعسر وبشْر بن أنَيف الرياحيّ وعطاء الدَّبُوسيّ. ومن الدهاقين الجوزجان وترسل دهقان الفارياب وسهرب ملك الطَّالقان، وقرياقس دهقان مَرْو، في أشباههم.
قال: وخرج عاصم في أهل مَرْو وفي غيرهم؛ فعسكر بجياسر عند البيعة، وأعطى الجند دينارًا دينارًا، فخفّ عنه الناس، فأعطاهم ثلاثة دنانير ثلاثة دنانير، وأعطى الجند وغيرهم؛ فلما قرب بعضهم من بعض أمر بالقناطر فكسِرت، وجاء أصحاب الحارث فقالوا: تحصروننا في البرّيّة! دعونا نقطع إليكم فنناظركم فيما خرجنا له، فأبَوْا وذهب رجّالتهم يُصلِحون القناطر، فأتاهم رجّالة أهل مَرْو فقاتلوهم؛ فمال محمد بن المثنّى الفراهيذيَّ برايته إلى عاصم فأمالها في ألفين فأتى الأزْد؛ ومالط حماد بن عامر بن مالك الحِمّانيّ إلى عاصم، وأتى بني تميم.
قال سلمة الأزديّ: كان الحارث بعث إلى عاصم رسلًا - منهم محمد بن مسلم العنبريّ - يسألونه العملَ بكتاب الله وسنة نبيّة - صلى الله عليه وسلم -. قال: والحارث بن سريج يومئذ على السواد. قال: فلمَّا مال محمد بن المثنى بدأ أصحاب الحارث بالحملة، والتقى الناس؛ فكان أوّل قتيل غياث بن كلثوم من أهل الجارُود، فانهزم أصحاب الحارث، فغرِق بشر كثير من أصحاب الحارث في أنهار مَرْو والنهر الأعظم، ومضت الدّهاقين إلى بلادهم؛ فضُرِب يومئذ خالد بن