للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحارث بن سُريج في أربعة آلاف، فدعاهم الحارث إلى الكتاب والسنّة والبيعة للرضا؛ فقال قطن بن عبد الرحمن بن جُزيّ الباهليّ: يا حارث؛ أنت تدعو إلى كتاب الله والسنّة؛ والله لو أنّ جبريل عن يمينك وميكائيل عن يسارك ما أجبتُك؛ فقاتلهم فأصابته رمية في عينه؛ فكان أوّلَ قتيل. فانهزم أهلُ بلخ إلى المدينة، وأتبعهم الحارث حتى دخلَها، وخرج نصر من باب آخر، فأمر الحارثَ بالكفّ عنهم، فقال رجل من أصحاب الحارث: إني لأمشي في بعض طرق بلْخ إذ مررت بنساء يبكين وامرأة تقول: يا أبتاه! ليت شعري من دهاك! وأعرابيّ إلى جَنْبي يسير؛ فقال: مَنْ هذه الباكية؟ فقيل له: ابنة قَطَن بن عبد الرحمن بن جزيّ، فقال الأعرابي: وأنا وأبيك دهيْتُك، فقلت: أنت قتَلته؟ قال: نعم.

قال: ويقال: قدم نصر والتَّجيبيّ على بلْخ، فحبسه نصر، فلم يزل محبوسًا حتى هزم الحارث نصرًا؛ وكان التَّجيبيّ ضرب الحارث أربعين سوطًا في إمْرة الجنيد، فحوّله الحارث إلى قلعة باذكر بزَمّ، فجاء رجل من بني حَنِيفة فادّعى عليه أنه قتل أخاه أيام كان على هَراة، فدفعه الحارث إلى الحنفيّ، فقال له التُّجيبيّ: أفتدي منك بمئة ألف، فلم يقبل منه وقتله. وقوم يقولون: قُتِل التُّجيبيّ في ولاية نصر قبل أن يأتيَه الحارث.

قال: ولما غلب الحارث على بلْخ استعمل عليها رجلًا من ولَد عبد الله بن خازم، وسار، فلما كان بالجُوزجان دعا وابصة بن زُرارة العبديّ، ودعا دجاجة ووحشًا العجليَّيْن وبشر بن جُرموز وأبا فاطمة، فقال: ما ترون؟ فقال أبو فاطمة: مَرْو بَيْضة خراسان؛ وفرسانهم كثير؛ لو لم يلقوْك إلَّا بعبيدهم لانتصفوا منك، فأقم فإن أتوْك قاتلتَهم وإن أقاموا قطعت المادة عنهم، قال: لا أرى ذلك، ولكن أسير إليهم. فأقبل الحارث إلى مَرْو، وقد غلب على بلْخ والجُوزجان والفارياب والطالَقان ومرْو الرّوذ، فقال أهل الدين من أهل مَرْو: إن مضى إلى أبرشهر ولم يأتنا فَرّق جماعتنا وإن أتانا نكب.

قال: وبلغ عاصمًا أن أهل مَرْو يكاتبون الحارث، قال: فأجمع على الخروج وقال: يا أهل خراسان، قد بايعتم الحارث بن سُريج، لا يقصد مدينة إلَّا خلّيتموها له، إني لاحق بأرض قومي أبرشهر، وكاتبٌ منها إلى أمير المؤمنين حتى يمدّني بعشرة آلاف من أهل الشأم، فقال له المجشّر بن مزاحم: إن أعطوْك

<<  <  ج: ص:  >  >>