فَمَهلًا يا قُضَاعَ فَلَا تكونِي ... توَابعَ لا أصُولَ لَهَا بِنَجْدِ
وكنْتَ إذا دَعَوْتَ بَني نِزارِ ... أتاكَ الدُّهْمُ مِنْ سَبْطٍ وَجَعْدِ
فجُدّعَ مِنْ قُضاعَةَ كُلُّ أَنفٍ ... ولا فازتْ على يَوْمٍ بِمَجْدِ
قال: ورَزِين الذي ذُكِر كان خرج على خالد بن عبد الله بالكوفة، فأعطاه الأمان ثم لم يَفِ به.
وقال فيه نصر بن سيّار حين أقبل الحارث إلى مَرْو وسوَّد راياته - وكان الحارث يرى رأي المرجِئة:
دَعْ عَنْكَ دُنيا وأَهْلًا أَنْتَ تارِكُهمْ ... ما خَيْرُ دُنْيَا وأَهْل لَا يَدُومُونا!
إلَّا بَقيَّةَ أيامٍ إلى أَجَلٍ ... فاطلُبْ مِنَ اللهِ أَهلًا لا يَمُوتونا
أكثرِ تقَى اللهِ في الإِسْرَارِ مُجْتَهِدًا ... إنَّ التُّقَى خَيْرُهُ ما كان مكْنُونا
واعْلَم بأَنَّكَ بالأَعمالِ مُرْتَهنٌ ... فكن لذاكَ كَثِيرَ الهَمّ مَحْزُونا
إني أرَى الغَبَنَ المُردِي بصاحِبهِ ... منْ كان في هذه الأَيَّامِ مَغْبُونا
تكونُ للمَرءِ أطْوارًا فتَمنَحُهُ ... يومًا عِثارًا وطَورًا تمنحُ اللينا
بَينا الفَتَى في نعِيمِ العَيْشِ حَوَّلَهُ ... دهْرٌ فأَمسى به عَنْ ذاك مَزبُونا
تحْلو له مَرَّةً حَتَّى يُسَرَّ بِهَا ... حينًا وتُمقِرُهُ (١) طَمعًا أحايينا
هل غابرٌ مِنْ بَقَايا الدَّهرِ تَنْظُرهُ ... إلَّا كما قد مضى فيما تُقَضُّونا
فامْنحْ جهادَكَ مَنْ لَم يَرْجُ آخِرَةً ... وكن عَدُوًّا لِقَومٍ لا يُصَلّونا
واقتُلْ مُواليَهمْ مِنَّا وناصِرَهُمْ ... حينًا تكفِّرُهُمْ والعَنْهُمُ حينا
والعائبينَ علينا ديننَا وهُمُ ... شرُّ العِبادِ إذا خابَزْتَهُمْ دِينا
والقائلينَ سَبيلُ اللهِ بغْيَتُنا ... لَبُعدَ ما نكَبُوا عَمَّا يَقُولونا
فاقتُلُهُمُ غَضَبًا للهِ مُنْتَصِرًا ... منْهُمْ بهِ وَدَعِ المُرتابِ مَفتُونا
إِرْجاؤُكُمْ لزَّكُمْ والشرْكَ في قَرَنٍ ... فأنتُمُ أَهْلُ إِشراكِ وَمُرْجُونا
لا يُبْعِدِ اللهُ في الأَجْداثِ غَيْرَكُمُ ... إذ كان دِينكُمُ بالشِّرْكِ مَقْرُونا
ألقَى بِهِ اللهُ رُعبًا في نُحُورِكِمُ ... واللهُ يَقضِي لَنَا الحُسْنى ويُعْلينا
كَيْما نكُونَ المَوالي عِند خائِفةٍ ... عمَّا تَرُومُ به الإِسْلَامِ والدينا
(١) تمقره: أي تمر الطعم له. القاموس المحيط ص ٦١٤.