للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدر فراشك مكرّمًا، ثم فاوضتَه مقبلًا ببِشرك إكرامًا لأمير المؤمنين، فإذا اطمأنّ به مجلسه نازعته بحييّ السرار (١)، معظّمًا لقرابتَه، عارفًا لحقّه؛ فهو سِنّ البيتيْن ونابهم (٢). وابن شيخ آل أبي العاص وحَرْبٍ وغُرّتهم. وبالله يقسم أمير المؤمنين لك لولا ما تقدّم من حُرْمتك وما يكره من شماتة عدوّك بك لوضع منك ما رفع؛ حتي يردّك إلي حال تفقد بها أهلَ الحوائج بعراقك، وتزاحم المواكب ببابك. ما أقربني من أن أجعلك تابعًا لمن كان لك تَبعًا؛ فانهض علي أيّ حالٍ ألفاك رسولُ أمير المؤمنين وكتابُه، من ليل أو نهار، ماشيًا علي قدمك بمن معك من خوَلك؛ حتي تقف علي باب ابن عمرو صاغرًا (٣)، مستأذنًا عليه، متنصلًا إليه؛ أذن لك أو منعك؛ فإن حركتْه عواطف رحمة احتملك. وإن احتملتْه أنَفة وحميّة من دخولك عليك فقف ببابه حَوْلًا غير متحلحل ولا زائل؛ ثم أمْرُك بعدُ إليه؛ عزل أو ولَّى، انتصر أو عفا؛ فلعنك الله من متّكل عليه بالثقة؛ ما أكثر هفواتك، وأقذع (٤) لأهل الشرف ألفاظك؛ التي لا تزال تبلغ أمير المؤمنين من إقدامك بها علي مَنْ هو أولي بما أنت فيه من ولاية مِصْرَي العراق، وأقدم وأقوم.

وقد كتب أمير المؤمنين إلي ابن عمّه بما كتب به إليك من إنكاره عليه، ليري في العفو عنك والسخط عليك رأيه، مفوّضًا ذلك إليه مبسوطة فيه يدُه، محمودًا عند أمير المؤمنين علي أيّهما أتي به إليك، موفقًا إن شاء الله تعالي.

وكتب إلى ابن عمرو:

أما بعد: فقد بلغ أميرَ المؤمنين كتابُك، وفهِم ما ذكرت من بَسْطِ خالد عليك لسانَه في مجلسَ العامة محتقرًا لقَدْرك، مستصغرًا لقرابتك من أمير المؤمنين، وعواطف رحمه عليك وإمساكِك عنه، تعظيمًا لأمير المؤمنين وسلطانه، وتمسكًا بوثائق عِصم (٥) طاعته، مع مؤلم ما تداخلك من قبائح ألفاظه وشرارة منطقه، وإكثابه عليك عند إطراقك عنه، مرويًّا فيما أطلق أمير المؤمنين من


(١) السرار: المسارة؛ أي جادلته في سرار مقرون بالحياء. القاموس المحيط ص ٥٢١.
(٢) ناب القوم: سيدهم. القاموس المحيط ص ١٧٩.
(٣) صاغرًا: ذليلًا. القاموس المحيط ص ٥٤٥.
(٤) القذع: الخنا والفحش. القاموس المحيط ص ٩٦٧.
(٥) العصم: جمع عصمة؛ وهي ما يعتصم به من عقد أو سبب. القاموس المحيط ص ١٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>