قال عبد الكريم: قلت: يا أمير المؤمنين؛ أمّا رجلُ خراسان حزمًا ونجْدة فالكِرمانيّ؛ فأعرض بوجهه، وقال: ما اسمه؟ قلت: جُدَيع بن عليّ، قال: لا حاجة لي فيه، وتطيّر، وقال: سَمْ لي غيره، قلت: اللسِن المجرّب يحيي بن نعيم بن هبيرة الشيبانيّ أبو الميلاء، قال: ربيعة لا تُسَدّ بها الثغور -قال عبد الكريم: فقلت في نفسي: كرِه ربيعة واليمن، فأرميه بمُضر- فقلت: عقيل بن معقل الليثيّ، إن اغتفرت هَنةً، قال: ما هي؟ قلت: ليس بالعفيف، قال: لا حاجة لي به، قلت: منصور بن أبي الخرقاء السُّلميّ، إن اغتفرت نكره فإنه مشؤوم، قال: غيره، قلت: المحشّر بن مزاحم السلميّ، عاقل شجاع، له رأي مع كذب فيه، قال: لا خير في الكذِب، قلت: يحيي بن حُضَين، قال: ألم أخبرك أنّ ربيعة لا تسدّ بها الثغور! قال: فكان إذا ذكرت له ربيعة، واليمن أعرض، قال عبد الكريم: وأخّرت نصرًا وهو أرجلُ القوم وأحزمهم وأعلمهم بالسياسة، فقلت: نصر بن سيار الليثيّ، قال: هو لها، قلت: إن اغتفرتَ واحدة؛ فإنه عفيف مجرّب عاقل، قال: ما هي؟ قلت: عشيرته بها قليلة، قال: لا أبا لك، أتريد عشيرة أكثر مني! أنا عشيرته.
وقال آخرون: لما قدم يوسف بن عمر العراق قال: أشيروا علي برجل أولّه خُراسان، فأشاروا عليه بمسلمة بن سليمان بن عبد الله بن خازم وقُدَيد بن منيع المنقريّ ونصر بن سيّار وعمرو بن مسلم ومسلم بن عبد الرحمن بن مسلم ومنصور بن أبي الخرقاء وسلْم بن قُتيبة ويونس بن عبد ربّه وزياد بن عبد الرحمن القُشيريّ؛ فكتب يوسف بأسمائهم إلي هشام، وأطرَي القيسيّه، وجعل آخر من كتب اسمه نصر بن سيار الكنانيّ، فقال هشام: ما بال الكنانيّ آخرهم! وكان في كتاب يوسف إليه: يا أميرَ المؤمنين، نصر بخُراسان قليلُ العشيرة. فكتب إليه هشام: قد فهمت كتابَك وإطراءك القيسيَة، وذكرت نصرًا وقلة عشيرته، فكيف يقلّ مَنْ أنا عشيرته! ولكنك تقيّست عليّ، وأنا متخندف عليك؛ ابعث بعهد نصر؛ فلم يقلّ مَن عشيرته أمير المؤمنين؛ بلْهَ ما إن تميمًا أكثر أهل خراسان. فكتب إلي نصر أن يكاتبَ يوسف بن عمر، وبعث يوسف سَلْمًا وافدًا إلي هشام؛ وأثني عليه فلم يولّه، ثم أوفد شريك بن عبد ربه النُّميريّ، وأثني عليه ليوليَه خراسان، فأدي عليه هشام.