قال: وأوفد نصرٌ مِنْ خُراسان الحكم بن يزيد بن عمير الأسديّ إلي هشام، وأثني عليه نصر، فضربه يوسف ومنعه من الخروج إلي خراسان؛ فلما قدم يزيد بن عمر بن هبيرة استعمل الحكم بن يَزيد علي كِرْمان، وبعث بعهد نصر مع عبد الكريم الحنفيّ -ومعه كاتبه أبو المهند مولي بني حنيفة- فلما أتي سَرَخْس وقع الثلْج، فأقام ونزل علي حفص بن عمر بن عباد التيميّ، فقال له: قدمتُ بعهد نَصر علي خُراسان، قال: وهو عامل يومئذ علي سَرَخْس -فدعا حفص غلامه، فحمله علي فرس وأعطاه مالًا، وقال له: طِرْ واقتل الفرس؛ فإن قام عليك فاشترِ غيرَه حتي تأتي نصرًا. قال: فخرج الغلامُ حتي قدِم علي نصر ببلْخ، فيجده في السوق، فدفع إليه الكتاب، فقال: أتدرِي ما في هذا الكتاب؟ قال: لا، فأمسكه بيده، وأتي منزله، فقال الناس: أتي نصرًا عهده علي خراسان، فأتاه قوم من خاصّته، فسألوه فقال: ما جاءني شيء، فمكث يومَه، فدخل عليه من الغد أبو حفص بن عليّ، أحد بني حنظلة -وهو صهره؛ وكانت ابنته تحت نَصْر، وكان أهوج كثير المال، فقال له: إنّ الناس قد خاضُوا وأكثروا في ولايتك؛ فهل جاءك شيء؟ فقال: ما جاءني شيء، فقام ليخرج. قال: مكانَك؛ وأقرأه الكتاب، فقال: ما كان حفص ليكتب إليك إلا بحقّ، قال: فبينا هو يكلمه إذ استأذن عليه عبدُ الكريم، فدفع إليه عهده، فوصله بعشرة آلاف درهم، ثم استعمل نصر علي بَلْخ مسلمَ بن عبد الرحمن بن مسلم، واستعمل وشاح بن بكير بن وشاح علي مَرْو الروذ، والحارث بن عبد الله بن الحشرج علي هراة، وزياد بن عبد الرحمن القُشيريّ علي أبرشهر، وأبا حفص بن عليّ ختنه علي خوارزم، وقطن بن قُتيبة علي السُّغْد، فقال رجل من أهل الشأم من اليمانية: ما رأيتُ عصبيّة مثل هذه! قال: بلي، التي كانت قبل هذه، فلم يستعمل أربع سنين إلا مُضريًّا، وعَمرت خُراسان عمارة لم تعمر قبل ذلك مثلَها، ووضع الخراج، وأحسن الولاية والجباية، فقال سَوَّار بن الأشعر: