اختُلف في سبب خروجه؛ فأما الهيثم بن عديّ فإنه قال -فيما ذكر عنه، عن عبد الله بن عياش- قال: قدم زيد بن عليّ ومحمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب وداود بن عليّ بن عبد الله بن عباس علي خالد بن عبد الله وهو علي العراق، فأجازهم ورجعوا إلي المدينة؛ فلما ولِّي يوسف بن عمر كتب إلي هشام بأسمائهم وبما أجازهم به، وكتب يذكر أن خالدًا ابتاع من زيد بن عليّ أرضًا بالمدينة بعشرة آلاف دينار، ثم ردّ الأرض عليه، فكتب هشام إلي عامل المدينة أن يسرّحَهم إليه ففعل، فسألهم هشام فأقرّوا بالجائزة، وأنكروا ما سوي ذلك، فسأل زيدًا عن الأرض فأنكرها، وحلفوا لهشام فصدّقهم.
وأما هشام بن محمد الكلبيّ، فإنه ذكر أن أبا مخنف حدّثه أن أوّل أمر زيد بن عليّ كان أن يزيد بن خالد القسْريّ ادّعي مالًا قِبَل زيدَ بن عليّ ومحمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، وداود بن عليّ بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب وإبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف الزهريّ وأيوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة المخزوميّ، فكتب فيهم يوسف بن عمر إلي هشام بن عبد الملك -وزيد بن عليّ يومئذ بالرُّصافة يخاصم بني الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب في صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومحمد بن عمر بن عليّ يومئذ مع زيد بن عليّ- فلما قدِمت كتب يوسف بن عمر علي هشام بن عبد الملك بعث إليهم فذكَر لهم ما كتب به يوسف بن عمر إليه مما ادّعي قبَلهم يزيدُ بن خالد، فأنكروا، فقال لهم هشام: فإنا باعثون بكم إليه يجمع بينكم وبينه، فقال له زيد بن عليّ: أنشدك الله والرّحم أن لا تبعث بي إلي يوسف بن عمر! قال: وما الذي تخاف من يوسف بن عمر؟ قال: أخاف أن يعتديَ عليّ، قال له هشام: ليس ذلك له، ودعا هشام كاتبه فكتب إلي يوسف بن عمر:
أما بعد: فإذا قدِم عليك فلان وفلان، فاجمعْ بينهم وبين يزيد بن خالد القسريّ، فإن هم أقرُّوا بما ادّعي عليهم فسرِّح بهم إليّ، وإن هم أنكروا فسله بيّنةً، فإن هو لم يُقِم البيّنة فاستحلفْهم بعد العصر بالله الذي لا إله إلا هو، ما استودعهم يزيد بن خالد القسريّ وديعةً، ولا له قبلهم شيءٌ! ثم خلّ سبيلهم.
فقالوا لهشام: إنا نخاف أن يتعدّي كتابَك، ويطول علينا، قال: كلَّا، أنا