الإسلامي برمته وأثناء دراستنا لروايات الطبري ومقارنتها بما ذكره ابن كثير من روايات الطبري وغيره وجدنا الحافظ ابن كثير ناقدًا بصيرًا لأنه محدث مشهور له في علم الحديث وتراجم الرجال ولم يكثر قبله أحد في النقد كما أكثر هو من استخدامه، وتخمينًا لا حصرًا نقول إنه نقد ما يقرب من (٢٠%) من أصل الروايات التأريخية ورجّح وصحح.
وفي القرن الرابع عشر الهجري ومع ظهور كتابات الأستاذ محب الدين الخطيب ومنها تعليقه وتعقبه على كلام ابن العربي في العواصم تعالت الأصوات الصادقة بضرورة إعادة كتابة التأريخ الإسلامي مع مراعاة شروط منها التفسير الإسلامي للتأريخ.
الخطوط العريضة التي رسمها الأساتذة المعاصرون لإعادة كتابة التأريخ [اعتمادًا على معطيات وذخائر تركها لهم أسلافهم]:
مما لا شك فيه لدى الباحثين في مجال التأريخ الإسلامي تزايد اهتمام أساتذتنا الكرام بوضع منهج واضح المعالم لإعادة كتابة التأريخ الإسلامي وخلال هذا الفصل نستعرض الخطط التي رسمها أبرز من بحثوا في هذه المسألة مع الاستشهاد بمقولات من سبقهم أو عاصرهم وانتهاءً آخر محاولة جادّة في هذا الموضوع وأعني بهذه المحاولة الأخيرة رسالة دكتوراه قدّمها الشيخ الفاضل إبراهيم الشهرزوري بعنوان [مناهج المحدثين في نقد الرواية التأريخية] عام ١٤٢٢ هـ في المعهد العربي للدراسات التأريخية.
ولنبدأ بأبحاث الأستاذ عماد الدين خليل لأنه رسم الخطوط العريضة وأما الأستاذ العمري فقد دخل في التفاصيل وأعطى نماذج عملية إما مباشرة وذلك من خلال كتابيه [صحيح السيرة النبوية] و [عصر الخلافة الراشدة] أو بصورة غير مباشرة عن طريق إشرافه على رسائل جامعية عديدة.
ولعلَّ الرسالة الجامعية [روايات أبي مخنف في تأريخ الطبري] للأستاذ يحيى إبراهيم اليحيى هي التي فتحت الطريق أمام الرسائل الأخرى التي قاربت العشرين وتناولت جميعًا مرويات الطبري إسنادًا ومتنًا.