للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرِض لأهل بيتك، وبلغتَ الدّرجة الرفيعة، فقلتَ: أقول مثلَها، سرْ يا يحيي، فقد ولّيتُك مقدّمتي، فأقبل الناس علي يحيي يلومونه، فقال نصر يومئذ: وأيّ ورطة أشدّ من أن تكون في السفر وهم في القرار! .

قال: فسار إلى الشاش، فأتاه الحارث بن سُريج فنصب عرّادتين (١) تلقاء بني تميم؛ فقيل له: هؤلاء بنو تميم، فنقلهما فنصبهما علي الأزْد -ويقال: علي بكر بن وائل- وأغار عليهم الأخرم، وهو فارس الترك، فقتله المسلمون، وأسروا سبعة من أصحابه، فأمر نصر بن سيار برأس الأخرم، فرمي به في عسكرهم بمنجَنيق، فلما رأوه ضجوا ضجة عظيمة، ثم ارتحلوا منهزمين، ورجع نصر، وأراد أن يعبُر، فحِيل بينه وبين ذلك، فقال أبو نميلة صالح بن الأبَّار:

كنا وأَوْبَةُ نصر عندَ غيبته ... كراقِبِ النَّوْء حتي جاده المطَرُ

أوْدَي بأخرَم منه عارضٌ بَرِدٌ ... مُسْتَرْجِفٌ بمنايا القوم مُنْهَمرُ

وأقبل نصر فنزل سَمَرْقند في السنة التي لقي فيها الحارث بن سريج، فأتاه بخاراخُذاه منصرفًا؛ وكانت المسلحة عليهم، ومعهم دهقانان من دهاقين بُخاري، وكانا أسلما على يدي نصر، وقد أجمعا على الفَتْك بواصل بن عمرو القيسي عامل بُخاري وببخاراخُذاه يتظلّمان من بخاراخذاه، -واسمه طوق شياده- فقال بخاراخذُاه لنصْر: أصلح الله الأمير! قد علمت أنهما قد أسلما على يديك، فما بالهما معلِّقي الخناجر عليهما! فقال لهما نصر. ما بالكما معلِّقي الخناجر وقد أسلمتما! قال: بيننا وبين بخاراخذاه عَدَاوَةٌ فلا نأمنه علي أنفسنا، فأمر نصر هارون بن السياوش مولَي بني سليم -وكان يكون علي الرابطة- فاجتذبهما فقطعهما، ونهض بخاراخذُاه إلي نصر يسارّه في أمرهما، فقالا: نموت كريميْن؛ فشدّ أحدهما علي واصل بن عمرو فطعنه في بطنه بسكين، وضربه واصل بسيفه علي رأسه؛ فأطار قَحْف رأسه فقتله، ومضي الآخر إلي بخاراخُذاه -وأقيمت الصّلاة، وبخاراخُذاه جالس علي كرسيّ- فوثب نصر، فدخل السرادق، وأحضر بخاراخُذاه، فعثر عند باب السرادق فطعَنه، وشدّ عليه


(١) العرادة: شبه المنجنيق، صغيرة. القاموس المحيط ص ٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>