للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتبعهم أصحاب زيد من دار الرّزق؛ حتى انتهوْا إلى المسجد؛ فرجع أهلُ الشأم مساء يوم الأربعاء أسوأ شيء ظنًّا؛ فلما كان من الغد غداة يوم الخميس، دعا يوسف بن عمر الريّان بن سَلمة، فلم يوجَد حاضرًا تلك الساعة.

وقال بعضُهم: بل أتاه وليس عليه سلاحه فأفَّفَ به، وقال له: أفٍّ لك من صاحب خيل! اجلس، فدعا العباس بن سعيد المُزنيّ صاحب شرطته، فبعثه في أهل الشأم، فسار حتى انتهى إلى زيد بن عليّ في دار الرزق، وثَمّ خشب للتجار كثير، فالطريق متضايق، وخرج زيد في أصحابه، وعلى مجنَّبتيه نصر بن خزيمة العبسيّ ومعاوية بن إسحاق الأنصاريّ، فلما رآهم العباس -ولم يكن معه رجال- نادي: يا أهلَ الشأم، الأرضَ والأرضَ! فنزل ناسٌ كثير ممن معه، فاقتتلوا قتالًا شديدًا في المعركة، وقد كان رجل من أهل الشأم من بني عَبْس يقال له نائل بن فَرْوة قال ليوسف بن عمر: والله لئن أنا ملأتُ عيني من نصر بن خزيمة لأقتلنّه أو ليقتلنّي، فقال له يوسف: خذ هذا السيف، فدفع إليه سيفًا لا يمرّ بشيء إلا قطعه، فلما التقي أصحاب العباس بن سعيد وأصحاب زيد واقتتلوا، بصُر نائل بن فروة بنصر بن خزيمة، فأقبل نحوه، فضرب نصرًا فقطع فَخِذه، وضربه نصر ضربةً فقتله؛ فلم يلبث نصر أن مات، واقتتلوا قتالًا شديدًا.

ثم إن زيد بن عليّ هزمهم وقتل من أهل الشأم نحوًا من سبعين رجلًا، فانصرفوا وهم بشرّ حال، وقد كان العباس بن سعيد نادي في أصحابه أن اركبوا؛ فإن الخيل لا تطيق الرجال في المضِيق فركبوا، فلما كان العشيّ عبّأهم يوسف بن عمر ثم سرّحهم، فأقبلوا حتى التقوْا هم وأصحاب زيد، فحمل عليهم زيد في أصحابه فكشفهم، ثم تبعهم حتى أخرجهم إلي السَّبَخة، ثم شدّ عليهم بالسبَخة حتى أخرجهم إلي بني سُليم، ثم تبعهم في خيله ورجاله: حتى أخذوا علي المسنّاة (١).

ثم إنّ زيدًا ظهر لهم فيما بين بارق ورُؤَاس، فقاتلهم هنالك قتالًا شديدًا.

وصاحب لوائه يومئذ رجل يقال له عبد الصمد بن أبي مالك بن مسروح، من بني سعد بن زيد، حليف العباس بن عبد المطلب، وكان مسروح السعديّ تزوّج


(١) المسناة: ضفيرة تبني للسيل لترد الماء. القاموس المحيط ص ١٦٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>