الشأم؛ وقد اقتطعوا رجلًا، ونجا سائرهم، فذهب ذلك الرّجل حتي دخل دار عبد الله بن عَوْف، فدخل أهل الشأم عليه فأسروه، فذهب به إلي يوسف بن عمر فقتله.
قال: وأقبل زيد بن عليّ، وقد رأي خِذلان الناس إيّاه، فقال: يا نصر بن خزيمة، أتخاف أن يكون قد جعلوها حسينيّة! فقال له: جعلني الله لك الفداء! أما أنا فوالله لأضربنّ معك بسيفي هذا حتي أموت؛ فكان قتاله يومئذ بالكوفة. ثم إن نصر بن خزيمة قال لزيد بن عليّ: جعلني الله لك الفداء! إنّ الناس في المسجد الأعظم محصورون، فامض بنا نحوهم، فخرج بهم زيد نحو المسجد، فمرّ على دار خالد بن عَرْفطة، وبلغ عبيدَ الله بن العباس الكنديّ إقبالُه، فخرج في أهل الشأم، وأقبل زيد فالتقوْا علي باب عمر بن سعد بن أبي وقّاص، فكعّ (١) صاحب لواء عبيد الله -وكان لواؤه مع سلمان مولاه- فلما أراد عبيد الله الحملة ورآه قد كعّ عنه، قال: احمل يا بن الخبيثة! فحمل عليهم، فلم ينصرف حتي خُضِّب لواؤه بالدّم.
ثم إن عبيد الله برز فخرج إليه واصل الحنّاط، فاضطربا بسيفهما، فقال للأحول: خذها منّي وأنا الغلام الحنّاط! وقال الآخر: قطع الله يدي إن كِلْتَ بقفيزٍ أبدًا. ثم ضربه فلم يصنع شيئًا، وانهزم عبيد الله بن العباس وأصحابُه، حتي انتهوْا إلي دار عمرو بن حُرَيث، وجاء زيد وأصحابه حتى انتهوْا إلى باب الفيل، فجعل أصحابُ زيد يُدخلون راياتِهم من فوق الأبواب، ويقولون: يا أهلَ المسجد، اخرجوا، وجعل نصر بن خُزَيمة يناديهم، ويقول: يا أهل الكوفة، اخرجوا من الذلّ إلى العزّ، اخرجوا إلى الدين والدنيا؛ فإنكم لستم في دين ولا دنيا، فأشرف عليهم أهلُ الشام، فجعلوا يرمُونهم بالحجارة من فوق المسجد -وكان يومئذ جمع كبير بالكوفة في نواحيها، وقيل في جبّانة سالم- وانصرف الريّان بن سلَمة إلى الحيرة عند المساء، وانصرف زيد بن عليّ فيمن معه، وخرج إليه ناس من أهل الكوفة، فنزل دار الرزق، فأتاه الريّان بن سلمة، فقاتله عند دار الرزق قتالًا شديدًا، فجرح من أهل الشأم وقتِل منهم ناس كثير،