للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشر رجلًا، فقال زيد: سبحان الله! أين الناس! فقيل له: هم في المسجد الأعظم محصورون، فقال: لا والله ما هذا لمن بايَعنا بعذر، وسمع نصر بن خزيمة النداء، فأقبل إليه، فلقي عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم بن الصّلت في خيله من جُهينة عند دار الزّبير بن أبي حكمة في الطريق الذي يخرج إلي مسجد بني عدّي، فقال نصر بن خزيمة، يا منصور أمتْ؛ فلم يردّ عليه شيئًا، فشدّ عليه نصر وأصحابه، فقتل عمر بن عبد الرحمن، وانهزم مَن كان معه، وأقبل زيد بن عليّ من جبّانة سالم حتي انتهي إلي جبّانة الصائديّين، وبها خمسمئة من أهل الشأم، فحمل عليهم زيد بن عليّ فيمن معه فهزمهم، وكان تحت زيد بن عليّ يومئذ بِرْذَوْن أدْهَم بهيم؛ اشتراه رجل من بني نَهْد بن كهمس بن مروان النجّاريّ بخمسة وعشرين دينارًا، فلما قتِل زيد بعد ذلك أخذه الحكم بن الصّلت.

قال: وانتهي زيد بن عليّ إلي باب دار رجل من الأزْد، يقال له أنس بن عمرو -وكان فيمن بايعه- فنودي وهو في الدار فجعل يجيب، فناداه زيد يا أنَس: اخرج إليّ رحمك الله، فقد جاء الحق وزهقالباطل، إن الباطل كان زهوقًا، فلم يخرج إليه، فقال زيد: ما أخلفكم! قد فعلتموها، الله حسيبكم!

قال: ثم إنّ زيدًا مضي حتي انتهي الكُناسة، فحمل علي جماعة بها من أهل الشأم فهزمهم؛ ثم خرج حتي ظهر إلي الجبّانة ويوسف بن عمر علي التلّ ينظر إليه هو وأصحابه، وبين يديه حِزام بن مرة المزنيّ وزمزم بن سُلَيم الثعلبيّ؛ وهما علي المجفّفة، ومعه نحو من مئتي رجل؛ والله لو أقبل علي يوسف لقتله، والريّان بن سلَمة يتْبع أثر زيد بن عليّ بالكوفة في أهل الشأم.

ثم إن زيدًا أخذ ذات اليمين علي مصلّي خالد بن عبد الله حتي دخل الكوفة، وكانت فرقة من أصحاب زيد بن عليّ حيث وجّه إلي الكُناسة قد انشعبتْ نحو جبّانة مِخْنف بن سُلَيم، ثم قال بعضهم لبعض: ألا ننطلق نحو جَبانةِ كنْدة! قال: فما زاد الرّجل علي أن تكلم بهذا الكلام. وطلع أهلُ الشأم؛ فلما رأوهم دخلوا زُقاقًا فمضَوْا فيه، وتخلّف رجل منهم، فدخل المسجد فصلي فيه ركعتين، ثم خرج إليهم فقاتلهم ساعة، ثم إنهم صرَعُوه، فجعلوا يضربونه بأسيافهم؛ فنادي رجل منهم مقنَّع بالحديد: أن اكشفوا المِغفر ثم اضربوا رأسه بعمود حديد؛ ففعلوا؛ وقتِل وحمل أصحابه عليهم فكشفوهم عنه وقد قتل، وانصرف أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>