للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد الأعظم، فأتي الناس المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد بيوم، وطلبوا زيدًا في دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري، فخرج ليلًا، وذلك ليلة الأربعاء، في ليلة شديدة البرد، من دار معاوية بن إسحاق، فرفعوا الهراديّ (١) فيها النيران ونادوا: يا منصور أمتْ، أمتْ يا منصور، فكلما أكلت النار هُرْديًّا رفعوا آخر، فما زالوا كذلك حتي طلع الفجر؛ فلما أصبحوا بعث زيد بن عليّ القاسم التِّنْعيّ ثم الحضرميّ ورجلًا آخر من أصحابه، يناديان بشعارهما، فلما كانوا في صحراء عبد القيس لقيهم جعفر بن العباس الكنِديّ، فشدُّوا عليه وعلي أصحابه، فقتِل الرجل الذي كان مع القاسم التِّنعيّ، وارتُثّ القاسم، فأتِيَ به الحكم، فكلمه فلم يردّ عليه شيئًا، فأمر به فضربتْ عُنُقه على باب القصر؛ فكان أوّل مَنْ قتِل من أصحاب زيد بن عليّ هو وصاحبه، وأمر الحكم بن الصلت بدروب (٢) السوق فغلقت، وغلقت أبواب المسجد علي أهل الكوفة، وعلى أرباع الكوفة يومئذ؛ على رُبْع أهل المدينة إبراهيم بن عبد الله بن جرير البجليّ، وعلى مَذْحج وأسد عمرو بن أبي بذْل العبديّ، وعلى كِنْدة وربيعة المنذر بن محمد بن أشدث بن قيس الكنديّ، وعلى تميم همْدان محمد بن مالك الهمْدانيّ ثم الخَيْوانيّ.

قال: وبعث الحكم بن الصّلت إلى يوسف بن عمر، فأخبره الخبر، فأمر يوسف مناديه فنادي في أهل الشأم: مَنْ يأتي الكوفة فيقترب من هؤلاء القوم فيأتيني بخبَرهم؟ فقال جعفر بن العباس الكنديّ: أنا، فركب في خمسين فارسًا، ثم أقبل حتي انتهي إلي جبّانة سالم السَّلوليّ، فاستخبرهم، ثم رجع إلي يوسف بن عمر فأخبره، فلما أصبح خرج إلي تلّ قريب من الحيرة، فنزل عليه ومعه قريش وأشراف الناس؛ وعلي شُرْطته يومئذ العباس بن سعيد المُزَنيّ، فبعث الرّيان بن سلَمة الإراشيّ في ألفين ومعه ثلثمئة من القِيقانيّة رُجّالًا معهم النُّشاب.

وأصبح زيد بن عليّ، فكان جميعُ مَنْ وافاه تلك الليلة مئتي رجل وثمانية


(١) في اللسان: "الهردية: قصبات تضم ملوية بطاقات الكرم تحمل عليها قضبانه". اللسان (٣/ ٤٣٦).
(٢) الدرب: الباب الأكبر. القاموس المحيط ص ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>