للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلبه، فأعطِه الأمان فإن لم يقبل فقاتله، فكتب يوسف إلي الحَكم بن الصّلت من آل أبي عَقيل وهو خليفته علي الكوفة بطلبه، فطلبه فخفيَ عليه موضعَهُ، فدسّ يوسف مملوكًا خُراسانيًّا ألكَن، وأعطاه خمسة آلاف درهم، وأميره أن يلطف لبعض الشّيعة فيخبره أنه قد قدم من خُراسان حبًّا لأهل البيت، وأنّ معه مالًا يريد أن يقوّيَهم به؛ فلم يزل المملوك يلقَي الشيعة، ويخبرهم عن المال الذي معه حتى أدخلوه علي زيد، فخرج فدَلّ يوسف علي موضعه، فوجّه يوسف إليه الخيل، فنادي أصحابه بشعارهم، فلم يجتمع إليه منهم إلا ثلثمئة أو أقلّ، فجعل يقول: كان داود بن عليّ أعلم بكم؛ قد حذّرني خِذلانكم فلم أحذر! .

وقيل: إنّ الذي دَلّ علي موضع زيد الذي كان دُفن فيه -وكان دفن في نهر يعقوب فيما قيل، وكان أصحابُه قد سَكروا (١) النهر ثم حفروا له في بطنه، فدفنوه في ثيابه، ثم أجْروا عليه الماء- عَبْدٌ قصَّار كان به، فاستجعل جُعلًا علي أن يدلَّهم علي موضعه، ثم دلّهم، فاستخرجوه، فقطعوا رأسَه، وصلبوا جسده، ثم أمروا بحراسته لئلا يُنزل، فمكث يُحرَس زمانًا.

وقيل إنه كان فيمن يحرُسه زهير بن معاوية أبو خيثمة، وبُعث برأسه إلي هشام فأمر به فنصِب علي باب مدينة دمشق، ثم أرسِل به إلي المدينة، ومكث البَدَن مصلوبًا حتى مات هشام، ثم أمر به الوليد فأنزِل وأحرق، وقيل: إن حكيم بن شريك كان هو الذي سعي بزيد إلي يوسف.

فأما أبو عبيدة معمر بن المثني فإنه قال في أمر يحيي بن زيد: لما قُتِل زيد عَمد رجلٌ من بني أسد إلي يحيي بن زيد، فقالي له: قد قتِل أبوك، وأهلُ خراسان لكم شيعةٌ، فالرأي أن تخرج إليها. قال: وكيف لي بذلك؟ قال: تتواري حتى يكفّ عنك الطلب ثم تَخرج، فواراه عنده ليلة، ثم خاف فأتي عبد الملك بن بشر بن مَرْوان، فقال له: إن قَرابة زيد بك قريبة، وحقّه عليك واجب، قال له: أجَل؛ ولقد كان العفو عنه أقربَ إلي التقوي، قال: فقد قتل وهذا ابنه غلامًا حَدَثًا لا ذنب له؛ وإن علم يوسف بن عمر بمكانه قتله، فتُجيره وتواريه عندك، قال: نعم وكرامة، فأتاه به فواراه عنده، فبلغ الخبر يوسف، فأرسل إلي عبد الملك:


(١) سكروا النهر: سدوا فاه. القاموس المحيط ص ٥٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>