للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ذكر الخبر عن ذلك وسببه:

ذكر عليّ بن محمد، عن شيوخه، أن خاقان لما قُتل في ولاية أسد، تفرَّقت الترك في غارة بعضها على بعض؛ فطمع أهل السُّغد في الرَّجْعة إليها، وانحاز قوم منهم إلى الشاش، فلما ولي نصر بن سيار أرسل إليهم يدعوهم إلى الفيئة والمراجعة إلى بلادهم، وأعطاهم كلّ ما أرادوا.

قال: وكانوا سألوا شُروطًا أنكرها أمراء خُراسان؛ منها: ألّا يعاقب مَن كان مسلمًا وارتدّ عن الإسلام، ولا يعدّى عليهم في دَين لأحد من الناس، ولا يؤخذون بقَبالة عليهم في بيت المال، ولا يؤخذ أسراء المسلمين من أيديهم إلا بقضيّة قاض وشهادة العدول؛ فعاب الناس ذلك على نصر، وكلّموه فقال: أما والله لو عاينتم شَوْكتهم في المسلمين ونِكايتهم مثل الذي عاينت ما أنكرتم ذلك! فأرسل رسولًا إلى هشام في ذلك؛ فلما قدم الرّسول أبى أن ينفذ ذلك لنصر، فقال الرسول: جَرّبت يا أمير المؤمنين حرْبنا وصُلْحنا، فاختر لنفسك، فغضب هشام، فقال الأبرش الكلبيّ: يا أمير المؤمنين، تألّف القوم واحمل لهم؛ فقد عرفْتَ نكايتهم كانت في المسلمين، فأنفذ هشام ما سأل (١).

وفي هذه السنة أوفد يوسفُ بن عمر الحَكَم بن الصّلت إلى هشام بن عبد الملك، يسأله ضمّ خراسان إليه وعَزْل نصر بن سيّار.

* ذكر الخبر عن سبب ذلك وما كان من الأمر فيه:

ذكر عليّ عن شيوخه، قال: لما طالت ولاية نَصْر بن سيار، ودانت له خُراسان، كتب يوسف بن عمر إلى هشام حسدًا له: إن خُراسان دَبَرةٌ دبِرةٌ (٢)، فإن رأى أمير المؤمنين أن يضمَّها إلي العراق فأسرّح إليها الحكَم بن الصلت؛ فإنه كان مع الجُنيد، ووليَ جسيم أعمالها، فأعمر بلاد أمير المؤمنين بالحكم. وأنا باعث بالحكم بن الصَّلْتِ إلي أمير المؤمنين، فإنه أديب أريب، ونصيحته لأمير المؤمنين مثل نصيحتنا ومودّتنا أهلَ البيت.


(١) انظر البداية والنهاية (٧/ ٢١٠).
(٢) الدبرة، بالتحريك: قرحة الدابة، ودبرت فهي دبرة، كفرحة، أي أنها موطن للقلاقل. القاموس المحيط ص ٤٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>