للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخيه هشام بن عبد الملك؛ وكان الوليدُ بن يزيد يومَ عَقد له أبوه يزيد ذلك ابنَ إحدى عشرة سنة، فلم يمُتْ يزيد حتى بلغ ابنُه الوليد خمس عشرة سنة، فندِم يزيد على استخلافه هشامًا أخاه بعده؛ وكان إذا نظر إلى ابنه الوليد، قال: الله بيني وبين مَنْ جعل هشامًا بيني وبينك! فتوفِّي يزيد بن عبد الملك وابنه الوليد ابن خمس عشرة سنة، وولي هشام وهو للوليد مكرّم معظم مقرّب؛ فلم يزل ذلك من أمرهما حتى ظهر من الوليد بن يزيد مجون وشرب الشراب؛ حمله على ذلك (١) فيما حدّثني أحمد بن زهير، عن عليّ بن محمد، عن جُويرية بن أسماء وإسحاق بن أيوب وعامر بن الأسود وغيرهم: عبدُ الصمد بن عبد الأعلى الشبّانيّ أخو عبد الله بن عبد الأعلى - وكان مؤدّب الوليد - واتَّخذ الوليد ندماء، فأراد هشام أن يقطعهم عنه فولاه الحجَّ سنة تسع عشرة ومئة، فحمل معه كلابًا في صناديق، فسقط منها صندوق - فيما ذكر عليّ بن محمد عمّن سميتُ من شيوخه - عن البعير وفيه كلب، فأجالوا على الكريّ السِّياط، فأوجعوه ضربًا، وحمل معه قبّة عملها على قدر الكعبة ليضعها على الكعبة، وحمل معه خمرًا، وأراد أن ينصب القبَّة على الكعبة؛ ويجلس فيها؛ فخوّفه أصحابه وقالوا: لا نأمن الناس عليك وعلينا معك؛ فلم يحرّكها. وظهر للناس منه تهاون بالدين واستخفاف به، وبلغ ذلك هشامًا فطمع في خلعه والبيعة لابنه مسلمة بن هشام، فأراده على أن يخلعها ويبايع لمسلمة؛ فأبي، فقال له: اجعلها له مِنْ بعدك؛ فأبَى، فتنكَّر له هشام وأضرّ به، وعمل سرًّا في البيعة لابنه؛ فأجابه قوم (٢)،


(١) غير صحيح.
(٢) هذا خبر غير صحيح ولم أجد من المؤرخين المتأخرين من درس هذه المسألة دراسة متمعنة.
ولعلّ الدكتور حسين عطوان هو من أعطي هذه المسألة مساحة جيدة في كتابه - الوليد بن يزيد - عرض ونقد - وقد توصل إلى نتائج جيدة إلّا أنه نوزع في جوانب أخرى وكالآتي:
يقول الدكتور حسين عطوان: ولا أصل لما رواه أحمد بن زهير من أن الوليد أخذ معه كلابًا في صناديق أو خمرًا أو قبة ليضعها فوق الكعبهَ ويشرب فيها ولا أصداء له عند غيره من تلاميذ البلاذري (لعله يقصد المدائني) وهو يخلط بين حج الوليد أثناء ولايته للعهد وبين تفكيره في الحج خلال خلافته وتحذير خالد بن عبد الله القسري له/ ص ٢٩٦.
ويقول أيضًا: "هو أول من غمز الوليد بأنه خطط لتشييد مقصف له فوق ظهر الكعبة هو اليعقوبي إذ اتهمه بذلك في سياق تقويمه لسياسته /٢٩٦". ويقول أيضًا: "والغالب أن اليعقوبي هو الذي صنع خبر توجيه الوليد مهندسًا لينشيء له مقصفًا فوق ظهر الكعبة ثم أخذه =

<<  <  ج: ص:  >  >>