للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فكان ممَّن أجابه خالاه: محمد وإبراهيم ابنا هشام بن إسماعيل المخزوميّ، وبنو القعقاع بن خليد العبسيّ وغيرهم من خاصّته.

قال: وتمادى الوليدُ في الشراب وطلب اللذات فأفرط، فقال له هشام: ويحك يا وليد! والله ما أدري أعلى الإسلام أنت أم لا! ما تَدع شيئًا من المنكر إلا أتيْتَه غير متحاشٍ ولا مستتر به! فكتب إليه الوليد:


= عنه معاصروه من الأخباريين كأحمد بن زهير/٢٩٧ ويقول أخيرًا: وأحمد بن زهير من القدرية الذين ثار متقدموهم بالوليد مع يزيد بن الوليد ومن أتباع العباسيين وكأنه مزج فيما سرد من أخبار الوليد بين رواية المدائني وتشنيع اليعقوبي وهو معاصر لليعقوبي/ ٢٩٧.
قلت: أما أن رواية الطبري من طريق أحمد بن زهير فهي غير صحيحة كما قال الدكتور عطوان - ولكن العلة ليست في أحمد بن زهير فهو إمام حافظ معروف بإطلاعه الواسع بالتاريخ وقد وصفه الخطيب البغدادي بالبصير بأيام الناس وأنسابهم ولم نعلم فيه جرحًا - ومعاصرته لليعقوبي لا تعني بالضرورة تأثره به.
ونحن لا نختلف مع الدكتور عطوان في أن مَزْجًا قد حصل في هذا الخبر إلا أنه من قبل المدائني الذي درج على خلط المتون المتعددة مع بعضها ويكتفي يذكر الإسناد المركب في بداية الخبر ثم يذكر متونهم مجتمعة. ومن دون تمييز فيخلط بذلك بين متن رواه الثقة وغيره من الضعفاء والمجاهيل بل وأحيانًا المتروكين الهالكين كأبي مخنف وقد صرّح بذلك في مواضع كثيرة من تاريخ الطبري.
ومن خلال دراستنا لروايات الطبري وتخريجها وجدنا المدائني يأتي بالنكارات عادة في حالة الخلط هذه - وبينا ذلك في مواضعها -.
وأما قول الأستاذ عطوان بأن أصل الرواية عند ابن عساكر (أشرف فوق الكعبة) بدلًا من (أشرب) فصحيح والذي في المخطوط من تأريخ ابن عساكر (أُشرف).
كما في مخطوطة المكتبة الظاهرية/ ٣٣٨١/ مجلدًا/ الورقة ٤٦٥ وكما أشار عطوان وكذلك محقق مختصر تأريخ دمشق لابن منظور.
وأما أن المزج بمِن حجّ الوليد أيام كان وليًا للعهد وبين نيّته الحج أيام خلافته فهذا صحيح.
ومما لا نوافق للأستاذ عطوان فيه أن الوليد قد أمر ببناء القبة دون إرسال مهندس وما إلى ذلك ولكن كان قصده من وراء ذلك أن يطوف هو وحاشيته في ظل القبة فلا يتعرض للحرِّ والتعب ويطوف الناس من خلف القبة ما عارضته الأمة بقيادة علمائها وبعض أمرائها وكانت النتيجة الفشل الذريع إلّا أن الذي لم يصح أنه أمر بصناديق لتوضع فيها كلاب أو خمر وما إلى ذلك من الكذب ولقد ذكرنا في قسم الصحيح رواية الإمام سفيان بن عيينة وبسند صحيح من أنه أراد أن ينصب قبة فوق الكعبة فلم يتم له ذلك نظرًا للمعارضة الشديدة التي أبداها العلماء وهدّمت القبة قبل أن تصل إلى مكة، وانظر قسم الصحيح [٧/ ٢٠٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>