للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أَيُّها السائل عن دينِنا ... نحن على دين أَبي شاكر (١)

نشرْبُها صِرْفًا وممزوجةً ... بالشُّخْنِ أَحيانًا وبالفاتِر

فغضب هشام على ابنه مسَلمة - وكان يكني أبا شاكر - وقال له: يعيّرني بك الوليد وأنا أرشّحك للخلافة! فالزم الأدب واحضر الجماعة.

وولّاه الموسم سنة تسع عشرة ومئة، فأظهر النسك والّوقار واللين، وقسم بمكة والمدينة أموالًا، فقال مولى لأهل المدينة:

يا أيّها السائل عن ديننا ... نحنُ على دين أبي شاكِر

الواهبِ الجُرْدَ بأرسانها ... ليس بزِندِيق ولا كافِر

يعرّض بالوليد.

وأمّ مسلمة بن هشام أمّ حكيم بنت يحيي بن الحكم بن أبي العاص، فقال الكميت:

إنّ الخلافة كائنٌ أَوتادُها ... بعدَ الوليد إلى ابن أُتمّ حكيم

فقال خالد بن عبد الله القسريّ: أنا برئ من خليفة يكني أبا شاكر؛ فغضب مسلمة بن هشام على خالد، فلما مات أسد بن عبد الله أخو خالد بن عبد الله، كتب أبو شاكر إلى خالد بن عبد الله بشعر هجا به [يحيي] بن نوفل خالدًا وأخاه أسدًا حين مات:

أَراحَ مِن خالدٍ وأَهلكه ... ربُّ أَراح العبادَ مِنْ أَسدِ

أَمَّا أَبُوهُ فكان مؤتَشِبًا ... عبدًا لئيمًا لأَعْبُد قُفْدِ (٢)

وبعث بالطومار مع رسول على البريد إلى خالد؛ فظنّ أنه عزاه عن أخيه، ففضّ الخاتم، فلم ير في الطُومار غير الهجاء، فقال: ما رأيت كاليوم تعزية!

وكان هشام يعيب الوليدَ ويتنقَّصه، وكَثُر عبثه به وبأصحابه وتقصيره به، فلمّا رأي الوليد خرج وخرج معه ناس من خاصّته ومواليه، فنزل بالأزرق؛ بين أرض بَلْقَيْنَ وفَزارة، على ماء يقال له الأغدف، وخلَّف كاتبه عيَاض بن مسلم


(١) في الأغاني: ٧: ٣، وقال: "بل قال ذلك عبد الصمد بن عبد الأعلى ونحله إياه".
(٢) مؤتشب: أي غير صريح في نسبه. القاموس المحيط ص ٧٦، والعبد الأقفد: الكزاليدين والرجلين القصير الأصابع. القاموس المحيط ص ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>