للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحبسه، يضارّني بذلك، اللهم أجرني منه! وقال:

أنا النذِيرُ لِمسْدِي نعمة أبدًا ... إلى المقاريف ما لَم يَخبُرِ الدّخَلَا (١)

إن أَنْت أكرمتهُمْ أَلفَيْتهُم بُطُرًا ... وإِن أَهَنْتهُمُ أَلفيتهمْ ذُلُلا

أتشمُخونَ ومنَّا رأَسُ نعمتِكمْ ... ستَعَلَمُونَ إِذَا كانت لنا دُوَلا

انظرْ فإن كنت لم تَقدِرْ على مَثَل ... له سوى الكلب فاضربْه له مَثلا

بينا يُسمِّنُهُ للصيدِ صاحبُهُ ... حتى إذا ما قوي مِنْ بَعدِ ما هُزلا

عدَا عليه فلم تَضرُرْهُ عَدْوَتُهُ ... ولو أَطاقَ له أَكلا لقد أَكَلَا

وكتب إلى هشام:

لقد بلغني الذي أحدث أمير المؤمنين من قَطْع ما قطع عنّي، ومحو ما محا من أصحابي وحُرَمي وأهلي، ولم أكن أخاف أن يبتلِيَ الله أمير المؤمنين بذلك ولا أبالي به منه؛ فإن يكن ابن سُهَيل كان منه ما كان فبحسب العيْر أن يكون قدر الذئب؛ ولم يبلغ من صنيعي في ابن سُهيل واستصلاحه، وكتابي إلى أمير المؤمنين فيه كُنْه ما بلغ أمير المؤمنين من قطيعتي؛ فإن يكن ذلك لشيء في نفس أمير المؤمنين عليّ، فقد سبّب الله لي من العهد، وكتب لي مت العمر، وقسم لي من الرزق ما لا يقدر أحد دون الله على قطع شيء منه دون مُدّته، ولا صرف شيء عن مواقعه؛ فقدَر الله يجوي بمقاديره فيما أحبّ الناس أو كرهوا، ولا تأخيرَ لعاجله ولا تعجيل لآجله، فالناس بين ذلك يقترفون الآثام على نفوسهم من الله، ولا يستوجبون العقوبة عليه، وأمير المؤمنين أحقّ أمته بالبصر بذلك والحفظ له، والله الموفّق لأمير المؤمنين بحسن القضاء له في الأمور (٢).

فقال هشام لأبي الزبير: يا نسَطاس، اْتري الناس يرضون بالوليد إن حدث بي حدث؟ قال: بل يطيل الله عمرَك يا أمير المؤمنين، قال: ويحك! لابدّ من


(١) الأغاني ٧: ١٠. المقاريف: الأنذال. القاموس المحيط ص ١٠٩١.
(٢) الأغاني: ٧: ١٢، ١٣، وبعدها هناك: "وكتب له الوليد في آخر كتابه:
أليْسَ عظيمًا أن أَرَى كُلَّ واردٍ ... حياضك يومًا صادرًا بالنّوافلِ
فأَرجعَ محمودَ الرجاءِ مُصَرَّدًا ... بتحْلئة عن وِرْد تلك المناهِل
فأصْبَحْتُ ممّن كنتُ آمُلُ مِنْكُمُ ... ولي بلاقٍ ما رجا كلُّ آملِ
كمقتبض يومًا عُرْض هَبْوَة ... يشُدُّ عَلَيْهَا كفَّهُ بالأَنامِل

<<  <  ج: ص:  >  >>